الأحداث: ماجدة حسن
يهل علينا، الشهر الفضيل والقنوات السودانية خارج السباق الرمضاني، ففي مثل هذا اليوم من كل عام تتسابق القنوات لعرض محتواها الرمضاني والذي غالباً يبدأ التحضير له قبل ستة أشهر وجلب الرعاية وتحضيرات الضيوف. الآن تغيب معظم القنوات السودانية بفعل الحرب وتباع أجهزتها على قارعة الطريق.
استنساخ
قبل عام الحرب هذا، كان النقاد والجمهور يتضجرون من تشابه البرامج وميل الخارطة البرامجية للغناء _ أي أن البرنامج الرئيسي في وقت ذروة المشاهدة محجوز للغناء. وفي إطار ذلك ظل البرنامج الأشهر (أغاني وأغاني) الذي يعده الشفيع عبدالعزيز ويقدمه الشاعر الراحل السر قدور على قناة النيل الأزرق هو محور تفكير معدي البرامج التلفزيونية خاصة وهو برنامج جاذب للجمهور وللإعلان، فكل قناة حاولت تجريب حظها في استنساخ برنامج مشابه، لكن كان مقدم البرنامج هو فرس الرهان الذي تكسب به قناة النيل الأزرق الأفضلية.
غياب
العام الماضي غاب مقدم البرنامج الشهير السر قدور الذي انتقل إلى الدار الآخرة بعد مسيرة حافلة من العطاء وخلفه في التقديم الناقد مصعب الصاوي لتستمر المسيرة ولا تسقط الراية فصمد برنامج (أغاني وأغاني) الرمضاني لثمانية عشر موسماً متواصلاً رغم كل العوائق وتجاوز كافة الظروف المحيطة ليكون في الموعد وحافظ على استمراريته طيلة 18 موسماً بلا انقطاع.
الصدارة
حافظ كذلك البرنامج على الصدارة البرامجية رغم تعرضه لمنافسة قوية من برامج قدمتها القنوات الأخرى. بل وصمد في كل أوجه التغيير حتى التي طالت المعد والمدير وأخيراً المقدم نفسه ولم يتوقف البرنامج، يكفي قناة النيل الأزرق فخراً أنها قدمت برنامجاً بقامة (أغاني وأغاني)، برنامج أصبح هادياً ودليلاً للقنوات الأخرى، بفضل الراحل السر قدور، الفنان الشامل والذي كان التقديم التلفزيوني آخر الفنون التي مارسها، وبرز فيه، مستنداً لخبرة إذاعية نادرة في إذاعة ركن السودان التي كانت تبث من موجات إذاعة صوت العرب من العاصمة المصرية القاهرة، نهاية ستينيات القرن الماضي.
غياب الضحكة
ولعل السر قدور استفاد من كتاباته الصحفية، لاسيما بابه الشهير بجريدة الخرطوم “أساتذة وتلاميذ”، والتي شكلت مادة البرنامج وتميز أستاذنا القدير بروح مرحة، أضفت على البرنامج الذي اجتذب الكثيرين، على متابعته عاماً بعد عام، قدراً كبيراً من الحيوية. وأصبحت ضحكته المجلجلة، وجلسته متوسطاً الفنانين وهو ممسك بعصاه، ويردد لازمته الشهيرة: “هايًل..هايل”، أيقونة البرنامج، الذي أعاد توثيق الكثير من الإبداعات الغنائية في سياق تاريخي كان الراحل بعض من شهوده وبعض من صناع أحداثه.
النهاية
يرى البعض أن الراحل قدور أحب أن يكون مغنياً، وهو ما يعبر عنه شغفه بالغناء، ومحاولاته المتعددة لاستعادة لحن أو أغنية كما سمعها من مبدعها الأول، إلا أنه لم تفته حرفة الشعر الغنائي. وقد نظر الكثيرون إلى برنامج أغاني وأغاني باعتباره ديوان السر قدور ومستودع خبراته وذكرياته.
حتى العام الماضي كنا نقول برحيل السر قدور يكون البرنامج قد بلغ نهايته قبل أن تكتب له الحرب هذه النهاية.