سباق نفوذ جديد في أفريقيا يدفع السودان إلى الهاوية: الفاشر نموذجا لمذبحة برعاية إقليمية

الدوحة – خاص
تحوّلت مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، إلى رمز دامٍ لحرب الوكالة الدائرة في السودان، بعد أن اقتحمتها قوات الدعم السريع المدعومة خارجيا وارتكبت مجازر وصفتها منظمات دولية بأنها “مسلخ بشري”، في مشهد يعيد إلى الأذهان فظائع دارفور قبل عقدين، لكن في ظل صمت دولي وغياب إرادة التدخل.
وبحسب منظمة الصحة العالمية واتحاد الأطباء السودانيين، قُتل أكثر من 460 مدنيًا داخل مستشفى النساء والولادة السعودي بالفاشر وحده، فيما تُظهر صور الأقمار الصناعية ومقاطع مصوّرة نشرها المهاجمون أنفسهم جثثا متناثرة حول المدينة وعمليات إعدام ميدانية بدم بارد.
ويؤكد محللون أن ما جرى في الفاشر لم يكن انفلاتا فرديا، بل سياسة منظمة تستهدف مجموعات إثنية محددة، على رأسها قبيلة الزغاوة، في تكرار لسيناريو الإبادة الجماعية في دارفور عام 2003 عندما نشأت نواة الجنجويد التي تحولت لاحقا إلى قوات الدعم السريع.
حرب وكالة إقليمية
مصادر دبلوماسية وخبراء دوليون يرون أن الحرب في السودان تجاوزت طابعها الداخلي، وأصبحت ساحة اشتباك بين قوى إقليمية تتصارع على النفوذ والموانئ والموارد الطبيعية.
فالجيش السوداني يجد دعما من مصر وإيران وتركيا، بينما تشير تقارير الأمم المتحدة وصحيفة “وول ستريت جورنال” إلى دعم إماراتي واسع لقوات الدعم السريع عبر تسليح وتمويل وخطوط إمداد تمتد من ليبيا وتشاد وصولا إلى الصومال.
وتعزز الإمارات نفوذها عبر شبكة استثمارات ومشاريع موانئ تمتد من البحر الأحمر إلى القرن الأفريقي، في إطار ما يسميه خبراء “تدافعًا استعماريًا جديدا” نحو أفريقيا، يهدف لتأمين طرق التجارة والذهب والأراضي الزراعية الخصبة.
صمت دولي وخسارة إنسانية فادحة
ورغم حجم الفظائع، يغيب الموقف الدولي الفاعل. فبينما كانت أصوات السياسيين والمشاهير في العقد الأول من الألفية تتعالى دفاعًا عن دارفور، يقابل العالم اليوم المأساة بالصمت، وسط انشغال القوى الكبرى بالحروب في غزة وأوكرانيا والتنافس مع الصين.
ويرى خبراء أن بإمكان واشنطن ولندن ممارسة ضغط عبر تعليق صادرات السلاح لحلفاء إقليميين متورطين في النزاع، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، ما يفسح المجال لمزيد من التصعيد وسقوط المدنيين.
خاتمة
في ظل غياب الحلول السياسية وتعدد خطوط الإمداد الخارجية، يخشى مراقبون أن تتحول مأساة الفاشر إلى مقدمة لسيناريو أكثر قتامة، مع توسع رقعة العنف واحتمالات التقسيم الفعلي للبلاد، بينما يدفع الشعب السوداني وحده ثمن صراعات النفوذ الإقليمية والدولية.



