دور شركات الجيش أثناء وبعد الحرب

د. عادل عبد العزيز الفكي
تشير الإحصاءات إلى أننا في السودان نحتاج لاستيراد المواد البترولية، والأسمدة والمبيدات، والمواد الغذائية مثل القمح والدقيق والسكر والزيوت النباتية، والأجهزة والمعدات ووسائل النقل، والأدوية والمستحضرات الطبية، بقيمة 11 مليار دولار (إحصاءات البنك المركزي 2022). بينما صادراتنا المتمثلة في الذهب والسمسم والحيوانات الحية والقطن والفول السوداني والصمغ العربي هي في مجملها في حدود 4.4 مليار دولار. معنى هذا أن العجز في الميزان التجاري كان قبل الحرب في حدود 6.7 مليار دولار.
الموارد الأخرى التي يمكن أن تقلل من أثر هذا العجز (وتحسب ضمن ميزان المدفوعات) والمتمثلة في القروض والمعونات الأجنبية، وتحويلات المهاجرين، والعائد من استخدام المجال الجوي السوداني، ورسوم مرور بترول الجنوب.. وغيرها، تضاءلت بسبب الحرب الى حد بعيد، وعلى هذا فإن الحل الأساسي يكمن في استعادة النشاط الاقتصادي في كافة نواحيه الزراعي والصناعي وفي قطاع الخدمات. وهو ما نحتاج فيه للانتصار الحاسم والقوي للجيش السوداني في معركة الكرامة. لن يستقر أمر الاقتصاد السوداني الا بانتصار الجيش وفرض سيطرته على كافة أرجاء البلاد.
قبل الحرب عملت شركات الجيش تحت مظلة منظومة الصناعات الدفاعية في ثلاث مجالات أساسية، الأولى: الصناعات الدفاعية البحتة مثل انتاج وتصنيع المركبات القتالية، والطائرات المسيرة، والأسلحة والذخائر المختلفة. وكان الإنتاج في هذه المجالات متقدماً جداً، واقتصادياً، حيث تمكنت منظومة الصناعات الدفاعية من خلال مشاركتها في المعارض المختلفة من تسويق انتاجها لعدد من الدول وحققت من خلال ذلك عائدات اقتصادية جيدة.
المجال الثاني الذي عملت فيه منظومة الصناعات الدفاعية هو مجال التقانة المتقدمة وأجهزة وتقنيات الاستشعار عن بعد والبرمجيات والطرفيات المتخصصة، وهذا مجال لا يقتحمه رأس المال العادي لأن تكاليفه الأولية مرتفعة جداً وعائداته غير سريعة. لهذا كان لا بد من أن تقتحم هذا المجال الاستراتيجي شركات الجيش.
المجال الثالث الذي عملت فيه منظومة الصناعات الدفاعية هو مجال الصادرات في الماشية واللحوم، وذلك بسبب أن التجارة في هذا المجال في بعض دول الجوار قاصرة على شركات الجيش في تلك الدول، لهذا كان من الضروري أن تدخل شركات الجيش السوداني لفتح الأسواق في هذه الدول ومساعدة المصدرين التقليديين.
خلال فترة الحرب وما بعدها يقترح أن تزيد حركة ومجالات عمل شركات الجيش، ذلك لأن أغلب رؤوس الأموال الوطنية والاجنبية التي كانت تعمل في السودان خرجت لانعدام الأمن وعدم ضمان العوائد، وعلى شركات الجيش في الوقت الحالي العمل في شكل شراكات ذكية مع رجال الأعمال السودانيين الذين فضلوا البقاء في السودان رغم الحرب، حماية لاستثمارات هذه الفئة الوطنية، ولضمان ارجاع عائدات الصادر وأرباح الأعمال للخزينة العامة.
بعد الحرب يقترح أن تتحول شركات الجيش التي تعمل في غير الصناعات الحربية لشركات مساهمة عامة تسجل في أسواق المال المحلية والإقليمية، وهذه خطة كان قد تم البدء فيها قبل نشوب الحرب، ونأمل أن تستمر. والله الموفق.
Exit mobile version