الأحداث – رحاب عبدالله
أكد الخبير المصرفي المسؤول السابق ببنك السودان المركزي مالك الرشيد فشل البنك المركزي في تحقيق هدفه الرئيسي وفقا لقانونه وهو تحقيق الاستقرار النقدي.
وانتقد السياسة النقدية الحالية التي يستخدمها بنك السودان المركزي، مبينا أنها قائمة على النظرية الكمية للنقود والتي عفى عليها الزمن.
وأكد أن السياسة النقدية لم تحقق أهدافها، مبينا أنه إذا كان البنك المركزي لديه آلية لمتابعة تنفيذ تلك السياسة ومعالجة الانحرافات لتم اتخاذ الإجراءات التصحيحية اولا باول.
وأوضح مالك الرشيد أن المعادلة التي ظل يستخدمها بنك السودان المركزي عبر تاريخه الطويل كانت تحاول السيطرة على اربعة متغيرات فقط وهي عرض النقود وسرعة دورانها وكمية السلع والخدمات المنتجة أي اجمالي الناتج المحلي والمستوى العام
للاسعار وهذا النموذج لم يتم اختباره قبل تجريبه لانه ثبت عدم استقرار المتغير المتعلق بسرعة دوران النقود ورغم استمرار استخدام هذا النموذج علما بانه لم يحقق أي نتائج ايجابية حتى في الدول الأخرى التي استخدمته في التحكم في عرض النقود عبر ماعرف بالسقوف الائتمانية الكمية دون اعتبار للسقوف النوعية والتي وضح من الدراسات التطبيقية أيضا أن لها اثر سلبي في التأثير على التضخم أكثر من السقوف الكمية في غياب أو ضعف الرقابة المصرفية.
وقال مالك الرشيد إن بنك السودان يصدر في بداية كل عام ما عرف بالسياسة النقدية والائتمانية مع وضع اهداف فضفاضة دون أرقام أو نسب كاهداف حقيقية محسوبة ولم يتم استخدام تقنيات نماذج الاقتصاد القياسي للوصول للنموذج الأمثل الذي يسيطر على العرض والطلب على النقود معا وقد أهمل جانب الطلب تماما.
وانتقد عدم اتخاذ آليات السياسة النقدية حتى قبل الحرب في الحسبان جانب الطلب الكلي على النقود وأخذت بالعرض الكلي فقط ولذلك باءت كل مجهودات بنك السودان عبر سياساته النقدية التي كانت تطبق في الماضي وحتى الوقت الحالي بالفشل ولم تأخذ بالنظريات النقدية الحديثة المستخدمة بواسطة البنوك المركرية حتى في الدول المشابهة والتي قطعت شوطا بعيدا في تطبيق المعادلات تلك النماذج النقدية الجديدة والمعمول بها بالكثير من دول العالم بينما تجاهلتها السياسات النقدية لبنك السودان المركزي.
وقطع مالك أنه لذلك ظلت السياسة النقدية لبنك السودان المركزي تدور في حلقة مفرغة والوضع يزداد سوا يوما بعد يوم وقيمة الجنيه تتدهور يوميا مقابل الدولار الأمريكي والعملات الأخرى والسلع والخدمات في الوقت الذي تتصاعد فيه نسبة التضخم إلى أن وصل لمرحلة التضخم الجامح وفشلت كل السياسات التي طبقت في السيطرة عليه.
وأكد مالك الرشيد أن الحل يبدأ بانتهاج سياسات نقدية تأخذ في الاعتبار جانبي العرض والطلب الكلي معا ومكوناتهما والتركيبة النقدية لاقاليم السودان المختلفة.
لافتا إلى أن بنك السودان المركزي حاليا يحتاج لإجراء تغييرات واصلاحات جذرية في الكوادر والسياسات النقدية البالية التي ظل ينتهجها البنك لمدة 5 عقود من الزمان علاوة على ضرورة منحه الاستقلالية اللازمة التي تمكنه من رسم وتنفيذ تلك السياسات بحرية وبدون تدخلات سياسية، وأكد ثقته في أن تلك التغييرات ستعيد للجنيه السوداني عافيته المفقودة لعهود طويلة.
من جانبه أوضح النائب الأول لمحافظ بنك السودان المركزي د.بدرالدين قرشي أن السياسات النقدية المتبعة تعتمد على مدى قدرة بنك السودان في المحافظة على عدم التوسع في عرض النقود وقفل منافذ التسريب النقدي عبر طباعة العملة في ظل هيمنة المالية ،وكذلك ينصب على تجريب المجرب فى آلية الاحتياطي النقدي القانوني فهى أداة غير مباشرة ، وأكد أنه كان ينبغى على متخذي القرار اللجوء إلى آليات مباشرة مثل خفض أو رفع هوامش المرابحة والصيغ الأخرى للتمويل في ظل السياسة النقدية توسعية أو انكماشية بالإضافة إلى تعطيل الآليات الأخرى مثل عمليات السوق المفتوح من خلال مبادلات الأوراق المالية والنقد الأجنبي.
