تقارير

حظر شركات مصرفيا.. محاولة لاستعادة حصائل الصادر

تقرير – رحاب عبدالله

تباينت ردود أفعال الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين وأصحاب شركات حول قرار البنك المركزي القاضي بحظر 157 شركة وإسم عمل حظراً مصرفياً شاملاً للمرة الثانية خلال العام الحالي، فضلاً عن أنه رفع الحظر مؤقتاً عن بعضها لتوفيق أوضاعها وإمهالها فترة شهرين لإرجاع حصائل الصادر.

تشهير بشركات صادر
فبينما اعتبر البعض هذه القرارات بمثابة التشهير بشركات تمتلك تاريخ وسجل طويل من الخدمة الممتازة، وعدّوه يتسبب في خسائر معنوية ومادية لا تعوض لهذه الشركات وللبلاد، وأوضح محمد الواثق أبوزيد معرفته بأن عدد من هذه الشركات أصابها ضرر كبير من تأثير الحرب كما أصاب كل الأعمال، ورأى أنه من الأفضل للبنك المركزي التواصل والنقاش حول أوضاع الشركات قبل إصدار مثل هذه القرارات لكي لا تخسر البلاد رصيد وخبرة كبيرة في مجال الصادر، لافتاً إلى أن أحد المصانع الوارد إسمها في كشف الحظر مثلاً تقدر قيمته بخمسة ملايين يورو تدمر تماماً بالمنطقة الصناعية بحري ولا يغطي التأمين الخسائر بطبيعة الحال كما أن هناك مصنع آخر نهبت مستودعاته بما يعادل ملايين الدولارات وأصحابه يمتلكون شركات أخرى تؤدي ما عليها من التزامات كاملة.
وشبه هذا القرار وقرار إغلاق السجلات التجارية من وزارة التجارة من قبل، بقرارات لجنة إزالة التمكين في ضررها الاقتصادي على البلاد، وأضاف “لا بد من وجود جهة لتقييم مثل هذه الحالات مع التأكيد على ضرورة معاقبة المخالفين عمداً ودون أسباب موضوعية”.

مبالغ مستحقة لخزينة الدولة
لكن الخبير المصرفي د.عمر محجوب انتقد الحديث عن تشهير بالشركات من خلال حظرها، مشيراً إلى أن هذه الشركات غير ملتزمة بدفع مبالغ مستحقة عليها بموجب الأنظمة واللوائح، مضيفاً أن هذه المبالغ في النهاية لمصلحة الوطن والمواطن، فلربما تخصص لشراء دواء أو قمح أو غيره، فضلاً عن أن هذه الشركات تم إنذارها من قبل إلا أنها لم تلقى بالاً للأمر ولم تستجب، وأقر أنه لا شك أن بنك السودان المركزي لديه تقصير في اتباع الإجراءات السليمة وإلا لما وصل عدد تلك الشركات إلى 157 شركة، وشدد على ضرورة ردع كل من يتلاعب بقوت الشعب وموارد الدولة، وأردف “يجب أن يعلق في مكان عام ناهيك عن نشر اسمه في تعميم مثل هذا ربما لا يطلع عليه 99%من أهل السودان”.

دعامة اقتصاد
وأكد الواثق أن الشركات الوطنية هي دعامة لاقتصاد البلاد وفقاً للنموذج السائد الآن في السودان ومعظم دول العالم وإسناد هذه الشركات من واجب الجهات المنظمة، وأكد الواثق أنه لا يعترض في حديثه على الإجراء، لكن التقييم كجزء من الإجراء وحسب معرفة سابقة له فيه خلل وأحياناً تجني .
لافتاً إلى أن هناك فرق بين شركات (وراقة) منشأه من أجل التلاعب بعوائد الصادر وهو خلل يجب محاربته بشدة وبين شركات تمتلك سجل ناصع لسنوات طويلة وتمتلك مؤسسات صناعية داخل البلاد وفي ظل هذا الوضع الاستثنائي تعثرت لأسباب موضوعية ولم تجلس معها جهة لمناقشة قضيتها قبل صدور مثل هذه القائمة، وبعضها لديه أرصدة بالعملات الأجنبية داخل بنوك تجارية سودانية لا يستطيع سحبها.

توقيت خاطئ
الخبير المصرفي وليد دليل أعاب على بنك السودان حظر الشركات في هذا التوقيت، وقال “من الضرورة العلم بأن البلاد في حالة حرب وهي في أشد الحوجة إلى رأس المال الوطني في إدارة اقتصاد الحرب”، لافتاً إلى أن مثل هذه القرارت تكون في حالة السلم والانتعاش الاقتصادي لمعاقبة الشركات المخالفة للوائح بنك السودان، مضيفاً أن معظم هذه الشركات تضررت من الحرب، تم نهب أصولها وممتلكاتها وتشرد أصحابها بين الدول، ومنهم من فقد حياته أثناء فراره من المعارك، وجدد تأكيده بأن معالجات بنك السودان للوضع الاقتصادي تؤكد حاجته إلى مجلس خبراء من خارج البنك حتى يضع الحلول والتوصيات لكيفية إدارة الأزمة الاقتصادية وتجنيب البلاد والوقوع في مزالق التدهور الاقتصادي.
غير أن د.عمر محجوب أكد أن هذه المبالغ مستحقة على هذه الشركات قبل الحرب وبالتالي هي مقصرة تقصير لا يعفيها مِن المسؤولية بضرورة رد المبالغ، واردف “الحرب وظروفها لا تعني الهروب من الالتزامات ولا تعني تعطيل العدالة”.

شركات وهمية
في وقت أشار فيه وليد دليل إلى أن هذه الممارسات قديمة منذ العهد السابق حيث يتم فتح أسماء تجارية وهمية وتقوم بالتصدير ثم يطالب بنك السودان بحصائل الصادر ثم يفاجأ بأن تلك الشركات وهمية، ورأى أنه كان الأجدى ببنك السودان التعامل مع الأشخاص وليس الشركات.
هذه الشركات معظمها وهمية يتم انشاؤها بغرض الحصول على موافقات الصادر ثم ما تلبث أن ينتهي دورها ليتم إنشاء شركات جديدة، وتابع “بنك السودان يركض خلف السراب عليه معاقبة التجار أصحاب هذه الأسماء التجارية وليس الشركات الوهمية”.

إجراءات ضعيفة
واعتبر اقتصاديون إجراءات الحظر ضعيفة ولا تتبعها ملاحقات قانونية، وأكدوا بأنها ليست المرة الأولى التي يحظر فيها المركزي شركات وأسماء أعمال أهدرت عائدات مقدرة من أموال السودان، وشددوا على ضرورة أن يتم منح تراخيص التصدير لشركات لديها غطاء نقد أجنبي في بنك السودان أو البنوك المحلية أو يكون لديها أصول مسجلة بإسم الشركة في حالة عدم سداد حصائل الصادر يتم مصادرة أرصدتها أو أصولها المسجلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى