تقارير

حرب عبثية أم نتيجة منطقية (1-2): الجنجويد بين مآلات حرب السودان وحلم دولة قريش

الأحداث – أمير عبدالماجد

 

هل نحن أمام حرب عبثية جوهرها خلافات بين جنرالات في الجيش والدعم السريع على السلطة أم حرب حتمية أصلها ممتد إلى سنوات طويلة ولها جذورها ومخططاتها ورجالاتها وداعميها ومنظريها؟، لو اعتبرنا أن من كتبوا (قريش 1) و(قريش 2) منظرين لهم أفكارهم … هل هي فقط حرب الإطاري أم حرب للسيطرة على السودان وأرضه وإقامة دولة جديدة باسم جديد وسكان جدد وماهي حقيقة تصريحات حاكم دارفور الأخيرة التي قال فيها إن الدعم السريع يسعى لإقامة دولة في دارفور؟ .. حديث حاكم إقليم دارفور يعيدنا مباشرة إلى فكرة (قريش) التي تتحدث عن إقامة دولة لعرب الشتات أو من يطلق عليهم حالياً (الجنجويد).

 

من هم الجنجويد وماهو أصل التسمية ؟

الراجح أن أصل الإسم مختلف عليه حتى بين عرب دارفور وعرب الشتات ولايوجد تعريف متفق عليه بل هناك روايات ففي حين يقول البعض إن أصل الكلمة مشتق من (جن شايل جيم ثري وراكب خيل) يدعي آخرون أن الكلمة منسوبة إلى رجل يدعي حامد جنجويت وهو قائد عصابة خرج على الحكومة في الثمانينيات وعاث فساداً وعُرف بقتله للأهالي وتهجيره لهم فاصبح اسمه مقترناً بالرعب والخوف وتحول مع الوقت من جنجويت إلى جنجويد وتحولت مع الوقت إلى مجموعة من العرب تحمل سلاحاً وتمتطي الخيول هي مجموعة جنجويد داخل السودان أو خارجه في المحيط الذي تنشط فيه المجموعات العربية … كانت هذه المجموعات عبارة عن جزر متباعدة وبينها بسبب شح الموارد خلافات ومعارك ولم تكن قادرة على مواجهة السلطات الحكومية هنا وهناك بل ظلت تنشط في النهب والسلب والقتل في المناطق الرخوة التي تغيب فيها سلطة الدولة إلى أن حدث لها تطور ما أثناء الحرب الليبية التشادية بين معمر القذافي وحسين حبري وهي حرب في جانب منها له علاقة بالسودان إذ كان القذافي حانقاً على وجود حبري الذي أعده عدوه النميري وسلحه للإطاحة بجوكوني عويدي الموالي له كما أن ليبيا كانت لها توجهات آيدولوجية عروبية تسعى للتوسع جنوباً مستعينة بالمجموعات العربية حسب ما ورد في كتاب شريف حرير وتريجي (السودان النهضة أو الانهيار) وبما أن حسين حبري كان يعتمد في جيشه على قبائل السارا والقرعان من قبيلته والزغاوة الهاجراي وهي قبائل أفريقية فقد سلحت ليبيا قبائل عربية تقيم في الشريط الحدودي بين تشاد والسودان وجلها لها امتدادات هنا وهناك مثل الجلول والعطيفات والشطية والرزيقات الماهرية وبني حسين وبني هلبة وبعد انتفاضة السادس من أبريل 1985 وانشغال المجلس الانتقالي برئاسة سوار الذهب بالحرب مع الحركة الشعبية والتناقضات السياسية الداخلية زاد النفوذ الليبي وعزز القذافي خطوط إمداده للمعارضة التشادية وللمجموعات العربية في دارفور وعلى رأسها مجموعة الشيخ بن عمر الذي تلقي أسلحة متطورة ذهب بعضها إلى دارفور لبعض القبائل العربية وكان أحد المعلمين بمدرسة الجنينة الصناعية قد ذكر وقتذاك أنهم وأثناء إفطارهم الصباحي أقبل عليهم أحد الملثمين على ناقة يجر خلفه شيئاً محمولاً على عجلات ومغطى وأخبرهم أنه يرغب في بيع ذلك الشيء الذي كان مدفعاً كبيراً ولما أخبروه أنهم لايستطيعون شراءه انصرف، يقول المعلم إنه كان يشعر بالأمان ولم يكن مذعوراً أو متخوفاً من شيء… مايعني أن الجنجويد في هذه المنطقة استفادوا منذ وقت مبكر من الصراعات السياسية بين الدول التي أقاموا على حدودها أو التي لديهم امتدادات قبلية فيها وكما استفادوا من تناقضات العلاقة بين القذافي وحبري والنميري ومن غياب سلطة الدولة في الفترة الانتقالية وفترة حكم الصادق المهدي استفادوا كذلك من فترة حكم الإنقاذ في تقوية صفوفهم وتوفير السلاح.

 

لم يدخل الجنجويد إلى دارفور بأعداد كبيرة بغرض الاستيطان في عهد الإنقاذ فقط فقد سبقتهم موجة دخلت خلالها مجموعات من القبائل العربية التشادية بمواشيها إلى دارفور وسعت لاتخاذ ديار لها هناك مدعومة بالمال والسلاح الليبي وتحت شعارات آيدولوجية تتحدث عن سيطرة العنصر العربي علي هذه المنطقة.. آنذاك استوطن بعضهم وعاد بعضهم أدراجه إلى الحدود لممارسة النهب والسرقة وسط خلافات حول جدوى الدخول إلى المجتمعات المحلية والاندماج معها وهو رأي تبناه بعضهم ورفضته الأغلبية التي كانت تعتقد أن الحل لعرب الشتات أو الجنجويد هو إقامة دولة لهم بالمنطقة وكان هذا الرأي هو الغالب والرابط بين وحدات القبائل المتناثرة في الصحراء والتي تحمل أوراقاً من عدة دول إذ من النادر أن تجد في المجلس أشخاص يحملون أوراق هوية من بلد واحد .. وفي العادة لكل مجموعة أوراق هوية مختلفة لكن الرابط بينهم على المستوى القبلي ووحدة الهدف ومصدر العيش واحد لذا خرجت وانتشرت بين نخبهم أفكاراً حول ما عرف وقتها بدولة قريش وهي دولة بدأ التنظير لها في قريش1 التي استهدفت دارفور ومواطنها قبل أن تصل إلى قريش2 التي تستهدف السلطة في السودان كله لحكمه ووضع لها تاريخ محدد هو 2020 يبدأ بإجراءات تمهيدية هي السيطرة عملياً على ولايات دارفور قبل السيطرة على العاصمة والانقضاض على السلطة ويرسم مخطط قريش2 صورة واضحة لأهداف الدعم السريع الذي يشكل هنا رأس الرمح فقط ومقدمة لأهداف مشروع قريش2 ومن خلفه الجنجويد وعرب الشتات ويشرح أن ماحدث حتى الآن ليس عشوائياً بل هو ضمن مخطط لصناعة واقع جديد ينتج دولة جديدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى