تقارير

جبل علي يعود كمنفذ للسودان: شريان تجاري وسط الحصار والحرب

الاحداث–وكالات
في خطوة تحمل أبعادًا لوجستية وسياسية معقدة، أعلنت شركتا الشحن البحري العالميتان CMA CGM وANL في إشعار رسمي بتاريخ 3 سبتمبر 2025 عن السماح بمرور البضائع والحاويات من وإلى ميناء بورتسودان عبر ميناء جبل علي في دبي، بعد أسابيع من إدراجه ضمن قائمة الموانئ الخاضعة للقيود الإماراتية.

التغيير المفاجئ

الإشعار، الذي جاء استكمالًا لإعلان سابق في 11 أغسطس، أوضح أن القرار يسري فورًا ويشمل جميع عمليات الاستيراد والتصدير وإعادة الشحن، في حين يستمر الحظر النشط في موانئ أبوظبي، الفجيرة، عجمان، أم القيوين، ورأس الخيمة. أما إمارة الشارقة فما تزال قيد النقاش.
هذا التغيير يمنح شركات النقل البحري متنفسًا واسعًا، نظرًا لأهمية جبل علي كأكبر ميناء في المنطقة ومركز رئيسي لإعادة الشحن نحو شرق إفريقيا والبحر الأحمر.

خلفية: السودان بين الحرب والحصار

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تحوّلت الموانئ إلى نقاط اشتباك غير مباشرة في معركة النفوذ. فقد فرضت عدة دول وإمارات قيودًا على حركة السفن المتجهة إلى بورتسودان، بدعوى منع تهريب الأسلحة أو البضائع ذات الاستخدام العسكري.
لكن هذه القيود انعكست سلبًا على الإمدادات الإنسانية والتجارية، إذ يواجه السودان أزمة إنسانية غير مسبوقة: أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات وفق الأمم المتحدة، مع انهيار البنية التحتية ونقص الوقود والمواد الغذائية.

الدور الإماراتي المزدوج

يأتي قرار إعادة فتح جبل علي كمنفذ للشحن نحو بورتسودان في وقت يثير فيه دور الإمارات الكثير من الجدل. فبينما تُقدَّم أبوظبي كأحد أهم المراكز التجارية التي يمكن أن تسهّل مرور المساعدات، تتهمها تقارير دولية بدعم مباشر وغير مباشر لأحد أطراف النزاع السوداني عبر موانئ أخرى مثل بنغازي في ليبيا.
ويُنظر إلى إبقاء الحظر في موانئ مثل أبوظبي والفجيرة على أنه إشارة إلى استمرار الحذر والرقابة المشددة، مقابل فتح منفذ استراتيجي واحد (جبل علي) لضبط حركة التجارة ضمن مسار تسيطر عليه الإمارات.

تداعيات القرار

إتاحة جبل علي أمام السفن المتجهة إلى بورتسودان قد تعيد بعض التوازن لسلاسل الإمداد، لكنها في الوقت نفسه تضع السودان تحت تأثير أكبر للبنية التحتية الإماراتية. ويخشى خبراء أن يتحول الأمر إلى أداة ضغط سياسي واقتصادي على المدى الطويل، خصوصًا مع اعتماد السودان شبه الكامل على مسارات الإمداد الخارجية.
وفي المقابل، قد يوفر القرار نافذة أمل لقطاع التجارة والإغاثة، حيث يمكن للمنظمات الإنسانية الاستفادة من سهولة النقل عبر جبل علي لتسريع وصول المساعدات.

خلاصة

بينما يبدو الإعلان خطوة تقنية في قطاع الشحن، إلا أنه يعكس عمق تداخل الاقتصاد والسياسة في حرب السودان. فالموانئ لم تعد مجرد مراكز تجارية، بل تحوّلت إلى أوردة وشرايين تحدد من ينجو ومن يختنق في بلد يعاني واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى