الناشطات في مجال حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين في الفاشر والجنينة ونيالا تعرضوا للإيذاء جسديًا
تقرير / الأحداث
كشف التقرير النهائي لفريق مراقبي الأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1591 حول دارفور، تفاصيل صادمة بشأن ممارسات مليشيا الدعم السريع منذ اندلاع حرب 15 ابريل في السودان، فضلاً عن داعميها بالسلاح والأفراد بالداخل والخارج.
وعمل التقرير على تعرية المليشيا وفضح ادعاءاتها بالرغم من عدم تمكن الفريق من زيارة دارفور بسبب الحالة الأمنية، لكنه اعتمد على نتائج اجتماعات ومقابلات هاتفية مع حكومة السودان، والقوات المسلحة، والدعم السريع، والحركات المسلحة في دارفور، وممثلي المجتمع المدني وغيرهم، وأوجز النتائج التي توصل إليها والتحقيقات التي أجراها منذ بداية ولايته في 12 مارس 2023.
والتقى الفريق بممثلين من مختلف وكالات وبرامج الأمم المتحدة، وأجرى زيارات إلى تشاد، إثيوبيا، مصر، فرنسا، كينيا، قطر، جنوب السودان، الإمارات، المملكة المتحدة وأوغندا.
انتهاكات القانون الدولي
واتهم تقرير الخبراء الدعم السريع والجيش كذلك بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، وذكر أنه وقعت هجمات غير متناسبة وعشوائية على المدنيين وإساءة معاملتهم، وقال إن بعض هذه الانتهاكات قد ترقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية، ونوه إلى القصف العشوائي الجوي على المناطق ذات الكثافة السكانية، وعلى البنية التحتية المدنية، والنهب في الجنينة ونيالا والضعين وزالنجي. وأكد أن القصف تسبب في تدمير واسع للبنية التحتية المدنية الحيوية، وتم نهب المدارس والمستشفيات والأسواق والمباني الحكومية والأصول الإنسانية في الغالب عن طريق الدعم السريع والمليشيات الحليفة، ودمرها القصف المتبادل.
نزوح جديد وأعمال عنف
وأشار إلى تعرض مخيمات النازحين في غرب وجنوب ووسط دارفور، للهجوم والحصار، مما أدى لتفاقم الأوضاع، وضرب مثلاً بالقبض على النازحين في معسكر الحصاحيصا ومحاصرته بواسطة الدعم السريع مما أدى لتفاقم الضرر، وتلقت اللجنة تقارير عن تهجير ما لا يقل عن 16.250 بعنف واغتصاب أكثر من 24 امرأة، وبحلول أكتوبر أصبح مخيم كلمة (نيالا) مكتظاً بشدة، حيث يضم ما يصل إلى 500.000 نازح فروا من أعمال العنف في نيالا. وأكد أنهم تعرضوا للسرقة والاحتجاز بشكل تعسفي من قبل الدعم السريع وتعرضت النساء للعنف الجنسي وكان هناك نقص حاد في الغذاء.
مضايقات واعتقالات تعسفية
وتلقت اللجنة تقارير عن مضايقة واسعة النطاق، والإيذاء البدني، والاعتقال التعسفي، والاحتجاز، والتعذيب والقتل التي تستهدف قادة المجتمع والمحامين والصحفيين وأعضاء لجنة المقاومة ونشاط حقوق الإنسان. ونوه إلى حالات تعرض فيها الناشطات في مجال حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين في الفاشر والجنينة ونيالا للإيذاء جسديًا، وبعضها مهدد بالاغتصاب أو القتل على يد الدعم السريع والمليشيات الحليفة. وأبلغت نساء تمت مقابلتهن من قبل اللجنة عن تعرضن للتهديد في نيالا والفاشر ورغم فرار الكثيرين إلا أنهم استمروا في تلقي التهديدات.
وتعرض ناشطون وصحفيون للاعتقال التعسفي والاستجواب في الفاشر، كما تعرض مدنيون في الفاشر وزالنجي ونيالا والجنينة للاشتباه في انتمائهم العرقي إلى أحد طرفي الحرب، وأثر ذلك على كل من العرب والأفارقة. وأكد التقرير أن الدعم السريع يطلب عادة الفدية لإطلاق سراح من احتجزوا. تلقت اللجنة معلومات عن أكثر من 9 حالات في مورني (غرب دارفور) الذين احتُجزوا للاشتباه، وكان على معظمهم أن يدفعوا فدية. وقُتل محامي بعد ذلك وتُرك على الطريق، وعُثر على جثته وعليها آثار تعذيب.
العنف الجنسي
أفاد التقرير بأن تصاعد النزاع أدى إلى تعريض النساء والفتيات لمخاطر متزايدة للعنف الجنسي، والذي تصاعد في جميع أنحاء دارفور مع تقدم الصراع. أجرى الفريق مقابلات مع مراقبين محليين موثوقين للعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس والذين أبلغوا عن 262 حالة اغتصاب خلال الفترة من أبريل إلى أغسطس. ومن المرجح أن تكون الأرقام أعلى بكثير بسبب نقص الإبلاغ، والنقص العام في الوصول إلى الرعاية الصحية، وانعدام الاتصال، الخوف من الوصمة والتهميش من مجتمعات الضحايا.
وتم الإبلاغ عن العنف الجنسي الواسع النطاق الذي ارتكبه أعضاء من الدعم السريع والمليشيا المتحالفة في جميع المناطق، وفي الجنينة، استهدفت النساء بسبب انتمائهن العرقي للمساليت، وفي نيالا، حدثت جميع حالات العنف الجنسي تقريبًا في مخيمات النازحين داخليًا وفي الأحياء التي تسكنها المجتمعات الأفريقية، ولوحظت أنماط مماثلة في زالنجي والفاشر. وأبلغت مصادر محلية موثوقة بما لا يقل عن 25 حالة من الخطف والاغتصاب والاستغلال الجنسي من الدعم السريع.
انتهاكات حقوق الطفل
وقال التقرير إن تصاعد النزاع أدى لتعريض الأطفال لمخاطر متزايدة تتعلق بالعنف الجنسي والقتل والتشريد القسري الجماعي، وتعرضت المدارس للنهب أو الاحتلال أو التدمير، في حين كان الوصول إلى المساعدات الإنسانية محدوداً. وتلقى الفريق معلومات عن تجنيد واستخدام الأطفال من قبل الطرفين المتحاربين. أكدت المصادر المحلية رؤية الأطفال في صفوف الدعم السريع والجيش، بما في ذلك في معسكرات التوظيف بالفاشر، زالنجي ونيالا.
وأشارت مصادر اللجنة إلى أن قادة المجتمع العربي جندوا الأولاد في الدعم السريع، وذكر البعض أنهم قاموا بتجنيد أنفسهم في مراكز التجنيد بالمدن (نيالا) وتم وعد المجندين الجدد بمبالغ تتراوح بين 200.000 إلى 500.000 جنيه سوداني ومكاسب غنائم.
واتهم التقرير الدعم السريع باستهداف الجنينة (غرب دارفور) في الفترة من 24 أبريل إلى 19 يونيو، حيث شهدت المدينة فترة من العنف الشديد، واستهدفت مع الحلفاء أحياء مدنية متعمدة، ومواقع تجميع النازحين، ومعسكرات والمدارس والمساجد والمستشفيات وتم نهب المنازل والمنظمات الدولية ومركبات الأمم المتحدة، كما تعمدوا جعل مضخات المياه عديمة الفائدة، وأكد أن الدعم وحلفائها تستهدف المساليت عمداً.
غرب دارفور
وفصل التقرير 9 مراحل مميزة لدورة العنف، تميزت بهجمات منسقة باستخدام المدفعية الثقيلة في الأحياء المدنية، في المقام الأول وتم استهداف الجزء الجنوبي من المدينة حيث تقيم غالبية مجتمع المساليت (المراحل 1 و3 و5)؛ وفترات من الهدوء النسبي (المرحلتين 2 و4)، والتي خلالها قعملت الدعم السريع مع الحلفاء في أنشطة مثل إعادة التزويد (غالبًا من خلال النهب) وتعبئة القوات وتأسيس نقاط تفتيش لقتال السكان واستهداف القادة البارزين في المساليت ووضع القناصة بشكل استراتيجي في جميع أنحاء المدينة للحد من حركة الناس.
ووصلت موجة الهجمات ذروتها مع حصار المدينة وقتل خميس عبد الله أبكر والي غرب دارفور الذي شوهد لآخر مرة مع القائد عبد الرحمن جمعة في 14 يونيو (المرحلة 6). ووقع النزوح القسري الجماعي من الجنينة إلى أردمتا وأدري التشادية، وحدثت أحدث موجة من العنف بين 1 و3 نوفمبر (المرحلة 8) وبلغت ذروتها مع الاستيلاء على الفرقة 15 في أردمتا في 4 نوفمبر (المرحلة 9).
وبعد إعدام الوالي في 14 يونيو غادرت القوات المتمركزة حول منزله المدينة إلى ثكناتها في أردماتا فيما واجه (التحالف السوداني) الموقع على اتفاق السلام تحديات في تشكيل تحالف منظم واستراتيجية عسكرية لصد الهجمات بسبب نقص الذخيرة، ونتيجة لذلك، لجأوا إلى المقاومة الفردية داخل أحيائهم، مع تمركز بعضهم في مواقع استراتيجية مثل مكتب الوالي ومقر إقامته.
وفي غياب الحماية، تولت مجموعات الدفاع عن النفس من المساليت، والتي تم تشكيلها بعد هجمات كريندق أواخر ديسمبر 2019، مسؤولية حماية السكان، ومع عدم كفاية التدريب العسكري وامتلاك معدات رديئة، تتكون أساسًا من الأسلحة الخفيفة، فقد كانوا في وضع غير مؤاتٍ للغاية وغير قادرين على القيام برد فعال ضد العدوان.
وفي 1 نوفمبر بدأت الدعم السريع الهجمات على فرقة أردمتا وحاصرت المدنيين والجنود، وكانت آخر معاقل الجيش في غرب دارفور والمكان الوحيد في الجنينة الذي يستضيف المساليت بعد أحداث يونيو.
تنسيق
وأكد التقرير أنه تم التخطيط للهجمات وتنسيقها وتنفيذها من قبل الدعم السريع ومليشياتهم العربية المتحالفة من بين قادة المجتمعات العربية الذين كانوا يسهلون تنسيق الهجوم، وذكر تحديداً زعيم المحاميد بغرب دارفور مسار عبد الرحمن عسيل والتجاني كرشوم اللذين سهلا توظيف المليشيات للقتال بجانب الدعم السريع.
نواصل