تقاعس المجتمع الدولي عن تصنيف المليشيا منظمة إرهابية.. سياسيون وخبراء يجيبون
تقاعس المجتمع الدولي عن تصنيف المليشيا منظمة إرهابية.. سياسيون وخبراء يجيبون
نبيل أديب: تقاطعات المصالح الخاصة للدول والمبادئ المعلنة للمجتمع الدولي تؤثر في القرارات
مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان: المجتمع الدولي يمسك “العصاة من النصف” واستخدام المليشيا لتحقيق الموازنات السياسية
كمال كرار: تقاعس المجتمع الدولي عن وقف الحرب يفسر الصمت على الجرائم المرتكبة
خبير عسكري: تصنيف المليشيا كمنظمة إرهابية سيغلق الباب أمام التفاوض
مدافع عن حقوق الإنسان: المجتمع الدولي لا يضع السودان من أولوياته
على الرغم من الاتهامات المتعددة التي طالت مليشيا الدعم السريع منذ تمردها على الجيش في أبريل من العام الماضي وما ارتكبته من انتهاكات وفظائع في حق الشعب السوداني إلا أن المجتمع الدولي يلازمه الصمت ويتقاعس في تصنيف المليشيا منظمة إرهابية ما يقود إلى طرح عدد من الاستفهامات، (الأحداث) طرحت التساؤل حول أسباب تأخر الخطوة على عدد من الخبراء والسياسيين.
الأحداث – آية إبراهيم
تقرير حديث
وفي آخر تقرير لها أواخر الاسبوع الماضي اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش مليشيا الدعم السريع بارتكاب “تطهير عرقي” وعمليات قتل، “ضد جماعة المساليت العرقية الأفريقية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
ويوثق التقرير، وفقاً لهيومن رايتس ووتش، “استهداف قوات الدعم السريع مع المليشيات العربية لأحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من المساليت، في موجات متواصلة من الهجمات في الفترة من أبريل حتى يونيو، وتصاعد الإنتهاكات مرةً أخرى في أوائل نوفمبر”.
تقاطعات مصالح
ويقول الخبير القانوني نبيل أديب إن هنالك تقاطعات بين المصالح الخاصة للدول وبين المبادئ المعلنة للمجتمع الدولي وهذه التقاطعات كثيراً ما تؤثر في القرارات بدرجات متفاوتة تبدأ من التريث في إصدارها مروراً بالتعطيل المتعمد في إصدارها وتصل أحياناً لمنع صدور القرار كلية.
ويشير أديب لـ(الأحداث) إلى أن التناقضات التي تشوب القرارات الدولية لا تخفى على مراقب فطن ولكن نحن من جانبنا علينا أيضاً تحسين عملنا الخارجي بشكل يصعب على الدول الكبرى تجاهل الجرائم الجسيمة التي تقع على الشعب السوداني وذلك بمد الإعلام الدولي بالمعلومات والعمل اللصيق مع اللوبيات المتخصصة في الحملات الحقوقية بشكل عام وحملات حقوق الإنسان بشكل خاص.
تطهير عرقي
وحسب تقرير هيومن رايتس ووتش فإن “الهجمات التي شنّتها قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها في الجنينة، أدّت إلى مقتل ما لا يقل عن آلاف الأشخاص وتركت مئات الآلاف لاجئين”، مشيرة إلى فرار أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد بين أبريل وأواخر أكتوبر 2023، “75% منهم من الجنينة”.
وأكدت المنظمة غير الحكومية أنّ “استهداف المساليت وغيرهم من المجتمعات غير العربية بهدف واضح هو دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، يشكّل تطهيراً عرقياً”.
تحقيق مصالح
بدوره عزا مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان د. أحمد المفتي عدم تصنيف المجتمع الدولي للدعم السريع منظمة إرهابية لأن مصلحة المجتمع الدولي في مسك العصاة من النصف واستخدام الدعم السريع لتحقيق الموازنات السياسية التي تحقق مصالح المجتمع الدولي. وقال المفتي لـ(الأحداث): “هم يعرفون الحقائق أكثر من هيومن رايتس ووتش”.
تقرير سابق
ولم يكن تقرير هيومن رايتس ووتش حول انتهاكات مليشيا الدعم السريع بالبلاد وخصوصاً دارفور هو الأول ففي مطلع العام الجاري أفاد تقرير للأمم المتحدة، بأن ما بين عشرة آلاف و15 ألف شخص قتلوا في مدينة واحدة في منطقة غرب دارفور بالسودان خلال العام الماضي في أعمال عنف عرقية نفذتها قوات الدعم السريع.
ويشير القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار إلى أن المجتمع الدولي الذي يصنف الإرهاب من عدمه هو الولايات المتحدة .. ومن بعد ذلك يحذو الاتحاد الأوروبي حذوها، وقال الإرهاب من عدمه لا يرتبط عادةً بالمجازر التي ترتكب في حق الشعوب، بل بمعيار المصلحة السياسية وعدم تهديد المصالح الأمريكية.
وأضاف كرار لـ(الأحداث): “بما أن الحرب التي تدور في بلادنا هي حرب بالوكالة، وتصفية حسابات دولية على الأرض السودانية، فإن تقاعس المجتمع الدولي تجاه وقفها يشير إلى مصالح دولية في استمرارها وهذا يفسر الصمت على الجرائم المرتكبة”.
تحركات حكومية
وأواخر العام الماضي كشفت لجنة حكومية عن سعيها لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لتصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية.
وذكرت “اللجنة الوطنية لجرائم الحرب وانتهاكات الدعم السريع” أنه يتم إعداد مذكرة قانونية بتوقيع المدعي العام لجمهورية السودان رئيس اللجنة تضمنت الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع منذ إندلاع القتال.
وقالت إنه تم تقديم المذكرة لرئيس اللجنة الفنية المختصة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن بغرض استصدار قرار لتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية لدى مجلس الأمن الدولي.
إغلاق باب
وقال الخبير العسكري عمر أرباب إن الدعم السريع ارتكب جملة من الجرائم البشعة في حق المدنيين التي ترقى أن تكون جرائم ضد الإنسانية.
ويشير أرباب لـ(الأحداث) إلى أن توصيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية سيغلق الباب أمام أي عملية تفاوض معه وستكون شعرة معاوية قد انقطعت وتزداد انتهاكاته بإعتباره أصبح منظمة إرهابية ولايمكن تهديده بأي شيء بعد ذلك سيدخل المجتمع الدولي في مواجهة مع الدعم السريع.
دعوة رئاسية
وفي سبتمبر من العام الماضي طالب رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، المجتمع الدولي بتصنيف مجموعات الدعم السريع المتمردة والمليشيات المتحالفة معها كمجموعات إرهابية. منوهاً لارتكابها كل الجرائم التي تضعها في هذا التصنيف.
ودعا البرهان لدى مخاطبته اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك إلى ضرورة التعامل الحاسم مع من يدعم هذه المجموعات، مبيناً أن القتل والحرق والاغتصاب والتهجير القسرى والنهب والسرقة والتعذيب ونقل الأسلحة والمخدرات واستجلاب المرتزقة وتجنيد الأطفال من الجرائم التي تستوجب المحاسبة والعقاب.
عدم أولوية
بدوره يرى المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان معز حضرة أن المجتمع الدولي ليس من أولوياته في الوقت الحالي أو حتى في وقت سابق مايدور في السودان بإعتبار أنه مشغول بالحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة وإسرائيل على الرغم من أن ماحدث من موت ودمار في السودان يفوق ماجرى في غزة.
وقال حضرة لـ(الأحداث) إن المواطن السوداني في المقابل لايهمه تصنيف هذا أو ذلك منظمة إرهابية بقدر اهتمامه بضرورة وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وطالب بضرورة تشكيل حملة عاجلة للمساعدات الإنسانية الذي يموت من الجوع وعدم توفر الدواء، ولفت إلى أن من الأولويات في الوقت الراهن إيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية بعدها الإلتفات للخطوات الأخرى بشأن من المسؤول عن الحرب ومحاسبة من ؟.
طرح مشروع
وسبق أن طرحت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين مشروع قانون يصنف «أفعال قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها في دارفور ضد المجتمعات العرقية غير العربية على أنها إبادة جماعية».
ويقول المشروع في نصه إن مجلس الشيوخ «يدين الفظائع، بما فيها تلك التي تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية، التي ترتكبها (قوات الدعم السريع) والمليشيات المتحالفة معها ضد قبيلة المساليت وغيرها من المجموعات العرقية غير العربية في دارفور»، كما طالبت لجنتا العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين الرئيس جو بايدن بالنظر بشكل عاجل في فرض عقوبات على قوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) جراء ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.