الأحداث – متابعات
في ذروة تصاعد الطابع الإقليمي والدولي للحرب في السودان، اعتمد تحالف أفريقي واسع، يوم الثلاثاء، في العاصمة الأوغندية كمبالا، «إعلان كمبالا» الذي وصف الحرب الدائرة في السودان بأنها عدوان خارجي وغزو منظم، لا نزاعا داخليا أو حربا أهلية، محذرا من أن استمرار الصمت الأفريقي والدولي سيحوّل السودان إلى نموذج لحروب الوكالة في القارة.
وجاء الإعلان، الذي أُقرّ بمشاركة 92 مندوبا من أكاديميين ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات دينية وثقافية ونسوية وطلابية وأحزاب سياسية وممثلين للقطاع الخاص، في وقت تتزايد فيه الاتهامات بتوسع التدخلات الخارجية، وتدفق السلاح والمرتزقة، واتساع رقعة الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصا في إقليم دارفور.
وأكد الموقعون أن ما يجري في السودان يمثل حالة طوارئ قارية، معتبرين أن الحرب تُدار عبر مليشيات مرتزقة تضم مقاتلين من أكثر من 17 دولة، وأنها تستهدف تفكيك الدولة السودانية وتقويض سيادتها، بما يشكل تهديدا مباشرا للأمن الأفريقي الجماعي.
وبالتزامن مع تصاعد الجدل الدولي حول الجهات الداعمة للصراع، وجّه إعلان كمبالا إدانة مباشرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، متهما إياها بتقديم دعم عسكري ومالي ولوجستي لقوات الدعم السريع، عبر التمويل والتسليح والتجنيد ونقل المقاتلين، وهو – بحسب نص الإعلان – ما حول السودان إلى ساحة حرب بالوكالة، وساهم في ارتكاب جرائم ترقى إلى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
ودعا الإعلان إلى تفكيك المليشيات ونزع سلاحها فورا، ووقف جميع أشكال التدخل الخارجي، وفتح ممرات إنسانية آمنة، إلى جانب إطلاق عملية سياسية سودانية خالصة تقود إلى حكم مدني ديمقراطي، مع التشديد على ضرورة المساءلة القانونية الدولية لكل من يثبت تورطه في تمويل وتسليح أطراف الحرب.
ويأتي إعلان كمبالا بعد أكثر من عامين على اندلاع الحرب في السودان، في ظل فشل المسارات الدولية في وقف القتال، وتصاعد الانتقادات لسياسات “الحياد الزائف” التي تساوي بين الدولة والمليشيا، وهو ما اعتبره المشاركون أحد أسباب إطالة أمد الصراع وتعميق الكارثة الإنسانية.
ويرى مراقبون أن الإعلان يمثل تحولا لافتا في الخطاب الأفريقي، إذ ينتقل من الدعوات العامة للتهدئة إلى تسمية صريحة للأطراف الخارجية المتدخلة، ووضع قضية السودان في إطارها الأوسع كمسألة سيادة أفريقية، لا أزمة داخلية معزولة.
