بعد المجزرة البشعة هناك، ود النورة… هل يصبح للموت صوت في الجزيرة؟
تقرير – أمير عبدالماجد
لاشك أن الموت الجماعي الذي حدث في قرية “ود النورة” بالجزيرة أدمى قلوب السودانيين وفتح عيونهم على ما يحدث في الولاية من انتهاكات تجاوزت حد النهب والاغتصاب والسرقة إلى القتل الجماعي وتصفية السكان وتهجيرهم وهو ماكانت مصادر محلية قد أشارت له في تسريباتها التي انتشرت على نطاق محدود وبمعلومات شحيحة خلال الفترة الماضية وهي تسريبات لم تنتشر على نطاق واسع لأن الولاية التي تنتهك على رأس الساعة ظلت بلا اتصالات ولا انترنت منذ دخول مليشيا الدعم السريع إليها ولا أحد يعلم مايحدث لمواطنيها على وجه اليقين إلى أن هزت مجزرة “ود النورة” شجرة الحقيقة بعنف لنكتشف أن المواطنين هناك واجهوا ترسانة الدعم السريع ومنعوها من دخول مناطقهم واستبسلوا في الدفاع عن أعراضهم وممتلكاتهم لكنهم ووجهوا بمدفعية ثقيلة وأسلحة ثقيلة لا قبل لهم بها.. هي في النهاية أسلحة جيوش لا يمكن لأي كان مقارعتها بأسلحة خفيفة عددها محدود وذخيرتها محدودة وتجربة من يحملونها في القتال محدودة.. قتل في ود النورة في المذبحة أكثر من (200) قتيل وأصيب العشرات بعد أن أرسلت المليشيا داناتها إلى رؤوس المواطنين، ورغم كبر حجم الكارثة لم نستمع إلى إدانات بحجم الكارثة ولا عن تحركات الله بحجمها باستثناء وصول رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن البرهان إلى المناقل، الخميس، وبيان مجلس السيادة وإدانات خجولة هنا وهناك، ما يضعنا أمام السؤال الذي يطرحه وطرحه أهل الجزيرة..(هل تركنا وحدنا؟) هذا السؤال مهم وجوهري لأن مايحدث في قرى الجزيرة وفي مدنها الآن كارثي.
مذبحة جماعية
يقول الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي (من الطبيعي أن يعبر مواطن ما أصيب أهله بما أصيبت به ود النورة عن وجعه وعن ألمه وأن يخرج ضد كل الناس لكنه ما أن يعود ليضع الأمور في نصابها ويتعامل معها بعقلانية أكثر ستتضح له الأمور حتماً)، وأضاف (الدولة السودانية كلها الآن تخوض حرباً وجودية لن يحسمها الجيش فقط، هذه حرب تحتاج إلى كل السودانيين وهذه هي اللحظة التي يجب أن نتماسك فيها لا أن ننهار) وقال (هذا ما يريده الدعم السريع وما ترغب فيه خلاياه النائمة والصاحية أن تكسر عزيمتنا وأن نركن لدور الضحية، هذا ليس من شيمنا يجب أن ننهض ونقاتل كما فعل أبناء ود النورة الذين قدموا لنا تضحيات كبيرة من أجل الوطن لم يقتلوا وهم يساقون إلى قبورهم بل قتلوا وهم ينافحون عن أرضهم ومالهم وأعراضهم)، وأضاف (ود النورة تعرضت لمذبحة جماعية ارتكبتها مليشيا لها تاريخها في مثل هذه الأعمال وهي أعمال لا علاقة لها بالحرب أو الأخلاق هو عمل جبان ينم عن جبن أن تقتل مدنيين وتواجههم بالمدفعية الثقيلة والأسلحة الثقيلة). وكانت قوات المليشيا التي تنتشر في هذه الآونة بين قرى الجزيرة قد داهمت القرية وحاولت سلب ونهب أهلها واغتصاب حرائرها إلا أن أهل القرية تصدوا لها ودخلوا معها في معارك استعمل فيها الأهالي العصي والهراوات وعدد قليل من الأسلحة النارية الخفيفة التي تستعمل في حماية الأفراد والمنازل ودخلوا في مواجهات مع مليشيا تملك سيارات دفع رباعي تحمل الدوشكا والثنائي والرباعي وفي مواجهة قوات لديها أسلحة ثقيلة ومدفعية استعملتها في ضرب المدنيين العزل إلا من الهراوات والسكاكين فأوقعت بينهم أكثر من (200) شهيداً وعشرات الجرحى والمصابين.
عملية جبانة
يقول الفريق مدني الحارث كبير الخبراء بالمركز الأفريقي للدراسات إن عملية القتل واستهداف المدنيين التي تمت في منطقة ود النورة عملية جبانة لأن المنطقة منطقة آمنة سكانها مدنيين ولا توجد منطقة عسكرية أو موقع عسكري فيها وليس هناك تواجد عسكري أصلا كي يبرر استهدافها، هؤلاء مدنيين عزل قتلهم بهذه الطريقة عمل لا يشبه الشعب السوداني، ويؤكد أنها مليشيات أجنبية تمارس الآن في السودان عمل عصابات هدفها النهب والسرقة والاغتصاب، وأضاف (القضية الآن ليست قضية القوات المسلحة فقط ولا أهل ود النورة فقط هذه قضية الشعب السوداني كله يجب أن ننهض لنجدة أهلنا في الجزيرة لأن الاستهداف فيها تجاوز الحدود وهي على ما يظهر حملة انتقام ممنهجة من ولاية الجزيرة)، وتابع (لو أرادوا الحرب لكانوا ذهبوا لمواجهة القوات المسلحة وهم يعلمون مواقعها لكن استهداف المواطنين العزل من قرية لأخرى يؤكد أن هدفهم هو الانتقام من المواطن الذي يعلمون أنه أعزل ولا يستطيع مواجهتهم وهو عمل جبان)، وقال (يجب أن نستنفر لنجدة أهلنا لأن الأمر لن يقف عند ود ابو النورة بل سيمتد للقرى الأخرى ويجب ألا ننتظر ردة فعل من المجتمع الدولي لأن أغلب دوله مشاركة في هذه المؤامرة).
تصرف عشوائي
د. أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية يقول إن ما يحدث في الجزيرة وما حدث في قرية ود النورة هو امتداد لما ظلت ترتكبه هذه المليشيا تحت عين العالم والإقليم وتحت عين بعض السودانيين الذين يساندونها رغم كل هذه الفظائع التي ارتكبتها وترتكبها بحق السودانيين)، وأضاف (غاضبون نحن بطبيعة الحال لأن ماحدث هو هزة أو يجب أن يكون هزة للضمير الإنساني وإلا متى يهتز الضمير الإنساني ومتى يتحرك لو لم يتحرك الآن وهو يشاهد 200 جثة وعشرات المصابين من المدنيين أمامه هذا مشهد بربري لا يحتاج إلى خطب ولا توضيحات حتى ندينه وندين من ارتكبه.. هذا جرم كبير لحق بأهلنا في ود النورة وفي الجزيرة عموماً ولا أحد يعلم الآن يقيناً كم قتل هؤلاء المجرمون في القرى الأخرى وكم سيقتلون في بقية القرى، على السودانيين أن يتحركوا لحماية أهلهم وألا ينتظروا لان مؤشرات ماحدث في ود النورة خطيرة ومجريات مايحدث في الجزيرة أخطر)، وتابع (لا أعتقد أن ماحدث رد فعل أو تصرف عشوائي لا هذا تصرف ممنهج يستدعي أن يتحرك الناس وأن تتحرك الحكومة للتعامل مع الأوضاع في الجزيرة لان سيلها يكاد يبتلع كل شيء).