الوهم لا يزال مستمرًا، وهناك من يروج لفكرة أن “الثورة” قد تعود من جديد

صفوة هباني
خالد سلك ومن يدور في فلكه يحاولون إحياء ذكرى ديسمبر بمظاهر هي أقرب إلى الفوضى، متغافلين عن الواقع المستجد الذي طرأ على البلاد. ما كان يُمارَس في الماضي من تخريب وزعزعة للاستقرار بات جزءًا من صفحة طُويت ولن تعود، لتكن عبرة من مآسي نعاني تبعاتها اليوم.
ما يُشار إليه بـ”ثورة” الآن لا يعدو كونه مجرد حُلم عالق وترويج إعلامي لن يُثمر عن شيء. الحديث عن حكومة لا تزال في علم الغيب لن يقنع أحدًا في ظل وعي الشعب المتزايد وإدراكه للحقيقة، وهو يقف اليوم على أهبة الاستعداد لمنع أي محاولة لإعادة تجارب الماضي التي أثبتت فشلها الذريع.
محاولات إحياء الماضي أشبه باللهاث وراء السراب. يمكنكم التخطيط والمكر داخليًا أو الاتكال على أطراف خارجية تسعى لزعزعة استقرار الوطن، ولكن كل تلك المحاولات ستجد أمامها جدارًا صلبًا من الحزم والقانون. اليقظة الشعبية الحالية لن تسمح للتاريخ بأن يعيد نفسه كما كان، بل ستقف سدًا منيعًا أمام أي تهديد.
ثم أن تولية شخص كشخصية خالد سلك منصب المتحدث أو القيادي لأي مسعى يجعل المراقب يتساءل عن حقيقة الإفلاس الفكري الذي وصلتم إليه. فما هو التاريخ أو الوزن الذي يستند إليه لتبني عليه أحلامكم وخططكم؟ تروّجون لعودة “الثورة” وكأنها تحمل حلاً سحريًا لأزمات البلد، فيما يعلم الجميع أنها ليست سوى كلمات وشعارات فارغة. من كان يصدق ذلك الوهم، بدأ يدرك الآن حقيقته ويكشف زيف الروايات المطروحة.
وما الحصيلة الفعلية لكل تلك الخطوات التي اتخذتموها في الداخل والخارج؟ النتيجة الحتمية كانت مزيدًا من الإخفاقات على كل المستويات وتصاعد وعي القوة الأمنية والشعبية التي أضحت أكثر استعدادًا لصد أي تهديد يلوح في الأفق. محاولاتكم المضللة أصبحت كتابًا مكشوفًا تُقرأ صفحاته بوضوح، وحتى الرهان على الصراعات قد ثبت فشله الذريع.
لقد كانت الحرب التي غامرتم بإشعالها تؤكد ضعفكم، فالخيارات الخاطئة التي دفعت بكم إليها كشفت نواياكم أمام الجميع. وأولئك الذين ظننتم أنهم داعموكم أصبحوا يعتبرونكم عائقًا أمام تطلعات الوطن وأمنه. الشعب اليوم أكثر وعيًا من أن يُستغفل بشعارات تفتقر للمضامين أو تعجّ بالوعود الجوفاء.
منذ اللحظة التي راهنتم فيها على المصالح الشخصية على حساب المصلحة الوطنية أصبح أمركم مفضوحًا أمام الجميع. الخراب والدمار اللذان عملا بتدبيركم لن تُمحى آثارهما بسهولة من ذاكرة هذا الشعب. ولكن الأهم الآن هو أن زمن المناورات والسيطرة السياسية قد انتهى. نحن في عهد جديد يتطلب الوعي والرؤية الواقعية بعيدًا عن الأطماع الشخصية التي لم تأت إلا بالكوارث.



