المواقف الدولية عن السودان خلال هذا الاسبوع

بقلم د. محمد عثمان عوض الله
نورد في هذا المقال نصا لاقوال صادرة عن أربعة رؤساء عن السودان و من ثم نستعرض دلالتها على مواقف تلك الدول و على الموقف الدولي عامة.
1/ الرئيس ترامب:
(كنت أتصور أن الوضع في السودان فوضوي ومجنون وأنه لا توجد حكومة (يعني الان اعترفت بوجود الحكومة) ولكن الأمير شرح لي التاريخ والثقافة بشكل جميل ومدهش. بدأنا العمل على السودان بعد نصف ساعة من لحظة شرحه لأهمية السودان. إنني أرى الموضوع بطريقة مختلفة الآن مما كنت أراه بالأمس).
بالأمس كان تحت تأثير رواية واحدة هي رواية الأمارات المتلخصة في عدم الاعتراف بالحكومة، مساواتها مع المليشيا، مما يعني الفوضى. أما ولي العهد السعودي، شرح رواية أخرى عن تاريخ و حضارة السودان و مؤسساته الراسخة التي لا يمكن مساواتها بالمليشيا التي ترتكب الجرائم و مطلوب تصنيفها ارهابية.
2/ الرئيس أردوغان
(أمن تركيا مرتبط بشكل مباشر بأمن السودان. لكن اصحاب الأفق الضيقة لا يفهمون ذلك ابدا. و أننا حينما ننظر من أنقرا، فاننا نرى الخرطوم بجوارنا مباشرة).
3/ الرئيس السيسي
(أمن مصر مرتبط بأمن السودان و هو مرتبط بمؤسسات الحكومة الشرعية التي لا يمكن مساواتها مطلقا بالمليشيات).
4/ وزير الخارجية الأمريكي
(ناقش معي المشرعون في الكونغرس قانونا لتصنيف الدعم السريع كمنظمة ارهابية. أما الأمارات فانها متورطة في الصراع السوداني و عضويتها في الرباعية لا تشكل لها درع حماية و عليها أن توقف الدعم مباشرة.)
هذه التصريحات تؤكد حدوث تحول كبير و جوهري في الموقف الدولي من الصراع في السودان. و هي ذات دلالات واضحة و قوية نذكر منها التالي:
أولا دلالات الموقف الأمريكي:
1/ انتقل من رواية إماراتية تعتبر أن السودان بلا حكومة إلى رواية سعودية تؤكد وجود حكومة و مؤسسات شرعية.
هذا يشير إلى أن واشنطن قد تعيد تقييم موقفها من احكومة السودانية الشرعية، ومن الدعم السريع و قد تصنفه منظمة ارهابية حسب كلام وزير الخارجية الأمريكي الذي يؤكد على بداية تحرك في الكونغرس لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية.
2/ توجيه انتقاد علني للإمارات واتهامها بالـتورط و تأكيد أن عضوية الإمارات في الرباعية لن تحميها من هذا التورط.
3/ الان واشنطون تتبتي مواقف كل من السعودية ومصر في دعم مؤسسات الدولة السودانية.
ثانيا دلالات الموقف السعودي
1/ السعودية الان تعمل على إعادة تعريف الصراع بين حكومة شرعية ضد مليشيا متمردة.
2/ تؤكد على جذور الدولة السودانية ومؤسساتها و تاريخها المذهل، حسب رواية ترامب.
3/ تصحح توصيف الأزمة من فوضى بلا دولة (الرواية الإماراتية)، الى تمرد ارهابي ضد مؤسسات الدولة الراسخة و الشرعية. مما جعل واشنطن تعمل على إعادة تموضعها من الصراع (بعد نصف ساعة فقط) كما صرح ترامب نفسه. تصريحات ترامب و وزير خارجيته تكملان و تعضضان و تشرحان الموقف الأمريكي الجديد.
4/ هنا عمليا فإن الرياض تسعى و بجرأة معلنة على ايقاف الدور الإماراتي الذي يهدد الاستقرار الإقليمي.
ثالثا دلالات الموقف التركي
1/ تركيا تربط أمنها الوطني مباشرة بأمن السودان.
2/ ترى الخرطوم جزءاً من مجالها الاستراتيجي و أن ما يحدث فيها يؤثر عليها مباشرة.
3/ أي أن نقرا تتبنى موقفا داعما للحكومة الشرعية حفاظا على كل من البحر الأحمر، النفوذ الاقتصادي، توازن النفوذ الخارجي في المنطقة.
رابعا دلالات الموقف المصري
1/ مصر تربط أمنها بأمن السودان.
2/ تؤكد أن الحكومة الشرعية لا يمكن مساواتها بالمليشيا. هذا يتسق تماما مع الخط العام للسياسة المصرية منذ بداية الحرب. و يؤكد أن القاهرة ثابتة على دعم الجيش والمؤسسات.
3/ مصر ترفض شرعنة الدعم السريع.
4/ مصر تعتبر أن الحرب تهديدا مباشرا لأمنها المائي والحدودي.
خامسا دلالات هذه المواقف على حكومة السودان
1/ حكومة السودان تكسب دعما معنويا وسياسيا متزايدا يرجح ميزان القوى لصالحها.
2/ هنالك تحولا في الموقف الدولي بدأ يتشكل بموافقة أمريكية لصالح الحكومة.
3/ ضغط المجتمع الدولي بدأ يزيد وبقوة على الأمارات و على الدعم السريع.
سادسا دلالات هذه المواقف على حكومة الإمارات
1/ تواجه حكومة الامارات اتهامات واضحة بالتورط في الحرب.
2/ لم يعد ينظر لعضويتها في الرباعية كغطاء دبلوماسي.
3/ الان تقع تحت ضغوط أمريكية + سعودية + مصرية، متزامنة.
4/ لا مجال لها لمواصلة أدوارها السابقة وللابد أن تتراجع عنها و تعيد حساباتها في السودان.
سابعا أثر هذه المواقف على الموقف الدوليةعموما من الصراع في السودان
1/ ارتفاع احتمال تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية. خاصة اذا تحرك الكونغرس + دعم من الإدارة الأمريكية + مساندة مصر والسعودية فإن التصنيف يصبح مسألة وقت.
2/ زيادة تأكيد المجتمع الدولي على وجود حكومة سودانية شرعية بمؤسساتها.
3/ تراجع كل السرديات الخاطئة السابقة.
4/ تغير المعادلة الدبلوماسية تماما.
5/ فتح كل الملفات القانونية و الحقوقية ضد مليشيا الدعم السريع و من ساعدها باعتبارها منظمة ارهابية.
6/ تعزيز دور السعودية وتركيا و مصر في ترتيبات ما بعد الحرب.
أما السيناريوهات المحتملة، كنتيجة لهذه التغييرات الهائلة، فهي ما سنتاوله في الحلقة الثانية من هذا المقال.



