المساعي السعودية الحميدة: تفاؤل حذر؟

معتصم اقرع
من المعروف أن أمريكا لا تزال القوة العالمية الأولي. وكذلك السعودية قوة اقليمية ثقيلة تتمتع بنفوذ اقتصادي ونفطي عالمي من الدرجة الأولي.
لذلك فان نقاش ملف السودان بين ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي في أحد أهم اجتماعات القمم السياسية العالمية، ثم إشهار حديثهما عن السودان للإعلام العالمي يشكل نقلة شديدة الأهمية في القضية السودانية.
بهذا يصبح الملف السوداني قضية رئاسية بالنسبة لقوتين عالميتين ويتم ترفيع الملف إلي أيدي جهات أعلي داخل البلدين تحت رقابة الرئيس وولي العهد، الحاكم الفعلي للمملكة نسبة لسن والده الملك وظرفه الصحي.
من المعروف أن الموقف السعودي أقرب إلي مصلحة الدولة السودانية والحفاظ علي مؤسساتها، بما في ذلك الجيش. لا شك في أن الدول الداعمة للحلف الجنجويدي ستقوم بخطوة مضادة لتبديد مبادرة ولي العهد السعودي. ولكن، من ناحية أخري، المعسكر السعودي، إضافة إلي أذن ترمب حاليا، يتمتع بتأييد قوي من دول تتمتع بثقل معروف مثل مصر وتركيا وقطر (سوري، لا يمكن وصف هذه المجموعة بالكوزنة لوجود السعودية ومصر فيها).
يبدو ما حدث في البيت الأبيض كما أنه يصب في صالح معسكر الدولة السودانية حاليا ولكن المشاكل لا تنتهي بهذه السهولة نظرا للخطوات المضادة المحتملة من الطرف الاخر في هذه رقعة شطرنج إضافة إلي نزوية السيد ترمب وإمكانية تحوله من قطب إلي نقيضه بسهولة يحسد عليها.
رغم أن أحداث واشنطن الأخيرة تبدو أقرب لمصلحة الدولة السودانية علي السطح إلا أن الشيطان في التفاصيل ومحتوى تدخل السيد ترمب، الساعي لجائزة نوبل للسلام، وهل سيكون هذا التدخل لصالح سيادة الدولة السودانية أم يقوم علي اقتسام الموارد وإعطاء كل من طرفي الحرب نصيبا ما يعني استمرار وجود ميليشيا الجنجويد والدول الداعمة لها في خاصرة الدولة السودانية.
ولكن في الكفة الأخرى، فان السعودية، والدول الداعمة لها في الملف أكدت مرارا وتكرارا علي وحدة وسيادة السودان، لذا فان تفاصيل التدخل الأمريكي المتوقع ستهمها وستكون من ضمن أجندة تواصلها مع واشنطن في الملف.
أضف إلي ذلك أن السودان شديد الأهمية لمصر والسعودية بحكم جوار لا يتوفر لأطراف المعسكر الاخر ما يعني أن السودان ووحدته وما يحدث فيه قضية أمن قومي من الدرجة الأولي بالنسبة لمصر والسعودية وهذا يعني أن درجة تصميم الحكومة في البلدين ستكون في غاية العلو إضافة إلي أن موقفهما في الملف السوداني يتسق مع القانون الدولي ومبادئ الاخلاق وحسن الجوار.
لو نجحت محاولات بن سلمان لإطفاء الحرب والحفاظ علي تماسك الدولة السودانية، بعد أن تكالبت عليها الأمم تكالب الذباب علي القصعة، سيكون ذلك إنجازا سيحفظه السودان والتاريخ ألاف السنين



