المخرج عبادي محجوب في حوار مع (الأحداث): الإرشيف السينمائي نجا لهذه (…) التدابير
المخرج عبادي محجوب في حوار مع (الأحداث):
صدمني منظر الإذاعة وهي الأكثر دماراً
استديو الأخبار والنيل الأزرق تدمر بشكل كبير
الإرشيف السينمائي نجا لهذه (…) التدابير
إعادة الإذاعة والتلفزيون تحتاج إلى وقت
سينهض سودان جديد يكون زينة العالم
نهب منزلي وتم حرقه وأسكن في مسيد
حوار – ماجدة حسن
لازال المخرج عبادي محجوب مرابطاً بمدينة أم درمان لم يفارقها طيلة عام الحرب، انطلقت الحرب ونار حزنه مازالت حية على رحيل زوجته التي لم يمض على وفاتها شهر تقريباً، فقد تم نهب منزله بالكامل، ثم تم حرقه تماماً فكان فقده متعاظماً، فحتى ذكرياته مع رفيقة دربه لم تنجو.
من داخل مسيد شيخ الأمين حيث يسكن حالياً قدم عبادي خلال هذا الحوار حكاية من زمن الحرب كان بطلها ومشاهدها.
من آخر المشاهد بدأت مع عبادي، وكنت قد رأيته في فيديو إبان تحرير الإذاعة سعى جاهداً للاطمئنان على الأرشيف السينمائي، كيف لا وهو المخرج ودارس السينما وتقلد رئيس اتحاد السينمائيين السودانيين.
دمار
وقال عبادي إنه بعد استلام الجيش للإذاعة سعيت أن ازورها لأرى ماحل بها، وأضاف “سألت أحد قادة الجيش زارنا في المسيد بأني أرغب في زيارة الإذاعة لكنه قال لي إن الضرب والتدوين لازال مستمراً، فبعد أن عرف هويتي قال لي يومين تلاتة، وبعد أن هدأت الأحوال ذهبت برفقة عسكري إلى مبنى الإذاعة وفي الباب قابلنا عقيد تشدد معنا في البداية لكن أخيراً سمح لنا بالدخول بشرط أن لا نصور شيئاً”.
وقال عبادي “صدمت من منظر الإذاعة، واجهتها محروقة حاولت الدخول وتم منعي لأن هناك أشياء لازالت تقع، الإذاعة أكثر دماراً، أما الإنتاج السينمائي لحسن الحظ مبانيه تم تنظيفها وتسليمها لهيئة البث، والأفلام السينمائية القديمة تم حفظها في مكتبة أخرى للتهيئة لنقلها من خام سينمائي إلى كمبيوتر إلى سيرفر، وتحولت “علب” الأفلام القديمة إلى مكتبة أخرى.
ويواصل عبادي في سرد جولته أن مبنى التلفزيون كذلك به ضرر كبير، ويضيف “أستديو علي شمو بحالة جيدة لكن هناك مشاكل في استديو الأخبار والنيل الأزرق مضروب بشكل كبير لأنهم في الواجهة على النيل”، وخلص عبادي إلى أن إعادة الإذاعة والتلفزيون تحتاج إلى وقت وترتيب، لكنه كذلك متفائل بأنها ستقوم على نسق حديث بصيانة المباني والاستديوهات وهذا يجعلنا نواكب التطور في هذا المجال وتكون أفضل من الأول بفضل الدول التي تمد يدها لمساعدة السودان.
من الأبواب الخلفية، وعرج عبادي على المسرح القومي ووجد به أيضاً الكثير من المشاكل، لكنه أيضاً نظر إليها بعين المصلحة المستقبلية، وقال “من المصلحة لهذه الأجهزة وحتى الاكروبات والفنون الشعبية أن نعيد بناءها بشكل مختلف وجديد، سودانا وطن عاتي فيه كل خير الدنيا، نحن سلة غذاء العالم وزينة العالم أتمنى فقط أن تطيب النفوس”.
حسرة وأمل
القصة كما رواها المخرج عبادي تتعلق بما شاهده في الإذاعة والتلفزيون وبين ماعاشه في أم درمان، فهو أكثر حسرة أن هذه الحرب لاتشبه حروب العالم لكنها بين مكونات محلية، ويضيف “اكتمل العام ومازالت بعض المدن والأماكن لم تنجلي منها الحرب تماماً رغم أن الوضع أفضل عن الأول”، قال عبادي إنه يتمنى أن تنتهي هذه الحرب ويأتي سودان جديد لامجال فيه لكل الأسماء التي تم تجريبها وكانت جزء من الدمار الذي لحق بالوطن، وأردف “كل الأسماء على مر الحقب والأنظمة التي حكمت يجب أن يبتعدوا تماماً عن حكم السودان وأن تكون هناك حكومة وطنية نفسح فيها المجال للشباب وفئات عمرية لاتتعدى 55 عاماً أن نجرب أشكالاً جديدة بمفاهيم جديدة وكل من لديه أفكار يكون فقط مستشارا للوطن لننهض بالوطن بوجوه جديدة تبدأ بالسودان من الأول”.
الحرب التي امتدت نحو العام هي عند عبادي حرب على المواطن بالدرجة الأولى، وقال “هي حرب ضد شعب، النزاع فيها على كراسي السلطة وحتى الصراع العنيف بين السياسيين لا علاقة له بالسودان جميعهم يبحثون عن مقاعد”.
وأضاف “عندما اندلعت الحرب في 15 أبريل كنت أتدثر ببقايا حزن لوفاة زوجتي قبل شهر من ذلك التاريخ وكنت أظنها ستنتهي خلال أيام يتفقون أو ينتصر واحد على الآخر، الذي حدث الحرب استمرت وكانت عنيفة جداً تجاه المواطن نهب اعتداء على منزله، أمواله وأولاده بل وقتله.. وبعد أن سارت الأيام وبدأ الجيش في الانتصارات على الفئة المارقة الجهوية بدأت مشاكلنا مع المتفلتين”.
نهب وحرق
وقال عبادي “في هذه الحرب تم نهب بيتي بالكامل ثم بعد ذلك تم حرقه تماماً، خرجت من منزلي والآن أسكن في أحد المنازل داخل المسيد، هذا الصرح الذي آوت إليه العديد من الأسر من ام درمان القديمة يسكنون بداخله أو المنازل المحيطة”.
وأشار عبادي إلى جهود كبيرة قام بها المسيد في هذه الحرب، وأردف “شيخ الأمين كان يمكن أن يخرج من أول يوم إلى مكان آمن لكنه فضل أن يكون مع الناس ويخدم المجتمع، هو وشبابه الذين يعرضون حياتهم للخطر من أجل خدمة الآخرين”، وتابع “الحرب سيخرج منها السودان جديدا ماردا قويا”.