العقيد الركن عوض الكريم موسى حمراي.. شهيد ذكرى بدر الكبرى ومعركة النيل أربعين

العميد م.د. محمد الزين محمد
في السابع عشر من رمضان، يوم الفرقان، صنع المسلمون نصرهم الخالد في بدر، حين ثبت الله المؤمنين وأيدهم بمدده، ورفع راية الحق رغم قلة العدد وشح العتاد. واليوم، وبعد قرون، يتكرر المشهد بأسماء جديدة ورايات جديدة، لكن الروح تبقى واحدة—روح الفداء والثبات.
لم يكن العقيد الركن عوض الكريم موسى حمراي مقاتلاً عادياً، بل كان أسداً من أسود المدرعات. أُصيب في الخرطوم في الأيام الأولى للحرب لكنه لم يتراجع. تماثل للشفاء وألتحق مع قوات الشهيد أيوب، وعاد أكثر إصراراً ، يقاتل حتى وصل إلى العرين—سلاح المدرعات، حيث واجه الحصار بشراسة، مؤمناً بأن النصر صبر ساعة.
شارك بالأمس القريب في تحرير اللاماب، مجمع الرواد، الرميلة، القوز، الحلة الجديدة، والمنطقة الصناعية، ثم قاد قواته حتى أمس حيث ساهم في تحرير أبراج النيلين، مجمع الجمهور بالسجانة، وكبري المسلمية، يتقدم بلا خوف حتى ارتقى شهيدًا، في شهر الشهداء، في أيام النصر والتمكين.
وكما مضى الصحابي الفارس المقداد بن عمرو ( الحميري) في بدر ومعه ثله من المؤمنين، مضى العقيد عوض الكريم موسى ( حمراي)، ومعه رفاقه. ولسان الحال يقول كما قال المتنبي
إِذا اِعتادَ الفَتى خَوضَ المَنايا فَأَهوَنُ ما يَمُرُّ بِهِ الوُحولُ
وَمَن أَمَرَ الحُصونَ فَما عَصَتهُ أَطاعَتهُ الحُزونَةُ وَالسُهولُ
أرتقى العقيد عوض الكريم موسى، لكنه لم يرحل. بقيت خطاه محفورة في ساحات القتال، ورايته ترفرف فوق مواقع التحرير، وصوته يصدح في ذاكرة رفاقه، يدعوهم للمضي قدماً حيث لا مجال للتراجع. بل تحرير الخرطوم الكبرى كما بدرٍ الكبرى.
اللهم تقبله مع النبيين والصديقين والشهداء، وألحقه برفاقه الذين سبقوه في درب الفداء.