فيما أرى
عادل الباز
الست يعمهون، ومن غيرها، هي ظاهرة الزمان الكونية في السياسة السودانية، رشا عوض. نجمة أم عار زمانها؟ لا أعرف. قيل إن بعض النساء يضلهن الله بما فعلن، وأخريات يمعن في الضلالة، ونوع ثالث مصاب في ضلالته بالعمه، (“قَدْ ضَلُّوا فِي عَمَهٍ قَدِيمٍ”). العمه القديم هو الضلال العميق والمترسخ، ومن معاني العمه في قاموس المعاني أيضًا هو التردد في الضلال، إذ ليس لرشا استقامة في ضلالها القديم والمقيم وضلالها التقدمى الحديث.!
الست يعمهون في ضلالها لا تثبت على ضلال واحد، فهي مترددة بين هؤلاء وأولئك. لا هي التزمت بـ”تقدم” بعد أن عصفوا بها من موقع المتحدث الرسمي، ولا هي التزمت حزبها الرجعي القديم، ولا هي استقلت بنفسها، تارة تبارى الشيوعيين، وأخرى تعمل بإخلاص في خدمة اليسار، تعتاش من المنظمات وتنكر أفضالها.
انظر فيما كتبته بالأمس فقط بعد استسلام كيكل، سترى أن كيكل إذا قتل واغتصب أو نهب فهو عندها بطل، أما إذا قال (لا للحرب) واستسلم للجيش، فهو خائن أشر! قاموس كراهية الست يعمهون بلا سقف، يبدأ بالإسلاميين والجيش والحركات المسلحة والمصريين وكل الوطنيين، ولا ينتهي بكيكل!
هي في حقيقتها تكره الشعب السوداني ولا تنتمي إليه إلا كما ينتمي إليه الجنجويد، ولذا يبادلها الشعب ذات المشاعر! كلما أحزن الشعب وأذاه يسعدها، وكل ما أفرحه يتعسها. فهي، مثلًا، تندهش وتستغرب وتستنكر إذا سعد الشعب بعبور الجيش للكباري!
سخر منها جماعات في الأسافير حين انتصر الفريق القومي السوداني على غانا، فوضعوا على لسانها سؤال: لماذا يفرح الشعب بفوز المنتخب؟!
كلما أراها في عماها هذا ينتابني سؤال: هل هذه الست “يعمهون” عوض بنت هذا الشعب، أم بنت من؟ غايتو منو العوض.
قيّم الجنجويد النبيلة!!
وأنت تقرأ البيان الذي أصدرته المليشيا بعد استسلام كيكل لا تملك إلا أن تضحك. كأنك تستمع لطفل وهو يتفوه بكلمات لا يفهمها ولا يدرك كنهها وتستغرب حين تسمع للمليشيا وترى أفعالها على الأرض. هذه المفارقات هي التي تصنع الآن الكوميديا السوداء في هذه الحرب.
يقول البيان الصادر أول أمس: “صنعت هذه الحـرب أبطالًا وقادة منهم من استشهد دفاعًا عن القضية”. حين تسأل ما هي القضية التي يدافع عنها الجنجويد؟ والتي من أجلها شنوا حربهم القذرة هذه، لا تسمع منهم غير طنين. فهم تارة ضد دولة 56 التي اكتشفوها بعد الحرب،وهى مقولة مستلفة من سفهاء اليسار “الماهرى”.
تارة أخرى يتحدثون عن التهميش، وذلك “شعر ما عندهم ليهو كدموال!”، فليس في أجندتهم ولا أذهانهم الخاوية معرفة أو أدنى صلة بقضايا الهامش، قضايا الهامش مجرد عدة شغل للمثقفين العاطلين الذين يدعون الانتماء للهامش. فالحرب التي يشنها الجنجويد الآن هي حرب ضد الهامش بامتياز؛ ضحايا الحرب من الهامش، والقرى التي دمرها الجنجويدفي الهامش، والذين أبادهم الجنجويد من الهامش. فكيف تدافع عن الهامش وأنت تقتله وتغتصبه وتدمر سبل عيشه وأمنه وتنهب منه حتى الإغاثة؟ أي هامش يتحدث عنه هؤلاء القتلة الجهلة؟
قال البيان المهزلة: “الأشاوس لا يزالون يتقدمون الصفوف ويصنعون الانتصارات، وكل من يختار معسكر الخيانة فليذهب غير مأسوف عليه، فهناك آخرون يسدون قرص الشمس ويتحملون المسؤولية ويقاتلون دفاعًا عن مبادئ وقيم نبيلة!!”. ترى ما هي القيم النبيلة التي يدافع عنها الجنجويد؟ لأول مرة في تاريخ البشرية يتم تصنيف القتل والاغتصاب والإبادة الجماعية من ضمن “القيم والمبادئ النبيلة”. هل نضحك أم نبكي؟ خلطة من الكذب، وعدم الفهم، والجهل، وتزوير حتى للقيم النبيلة!