الأحداث – وكالات
(يلعب بالنار) …هاجمت غالبية الصحف الكينية الرئيس الكيني وليام روتو على خلفية سماحه لمليشيا الدعم السريع ومسانديها بعقد فعالية لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية الشرعية بقيادة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
ولعل المصالح التجارية التي تربط روتو بقائد المليشيا حميدتي حيث يشارك روتو مع حميدتي في تجارة الذهب ،وقيل ان روتو يمتلك شركة تعدن في الذهب في السودان ،ولعل هذه المصالح التجارية هي مادفعت حميدتي في السابق لتمويل الحملة الانتخابية لروتو بملايين الدولارات في أغسطس 2022 .
ولعل الهجمة الشرسة التي تعرضت لها كينيا بسبب استضافة فعالية الحكومة الموازية للمليشيا هي ما تسببت في تأجيل اعلان الحكومة للمرة الرابعة بعد كان يفترض اعلانها في 17 فبراير الماضي واجلت ليوم 18 ثم اجلت الاعلان مرة أخري إلى يوم 21 فبراير (الجمعة) وتاجل الاعلان مرة اخري للسبت وحتي الآن لم يتم اعلانها بسبب الضغوط التي تتعرض لها كينيا من عدد من الدول وعلى راسها السودان وامريكا وعدد من الدول الافريقية فضلا عن المنظمات الدولية والإقليمية وعلى راسها الاتحاد الافريقي والايقاد والجامعة العربية .في مقابل ضغوط تقوم بها الامارات لاعلان الحكومة بدأتها باتصالات مع الحكومة الكينية وإغراءات ثم بوصول وفود مخابرات عالية المستوى في نيروبي للضغط على كينيا ولحل خلافات الحكومة الموازية التي لم تعلن بعد لوجود خلافات بين ممثليها حول (كيكة السلطة) وحكومة قد تعلن فقط على الورق.
تهور روتو:
وواجه الرئيس الكيني وليام روتو انتقادات واسعة النطاق في بلاده، على خلفية استضافة نيروبي فعاليات المليشيا
واتهم السياسي الكيني والأمين العام السابق لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية موخيسا كيتويي الرئيس الكيني وقال لـ(وكالة الصحافة الفرنسية) إنّ ما يفعله روتو هو تخلٍّ متهوّر عن الحذر التقليدي والنهج الكيني في الدبلوماسية”، وأضاف أنّه يحاول إضفاء الشرعية على عصابة إجرامية كانت تقوم بتقطيع أوصال الناس ، واصفا هذه الخطوة بأنّها غير مسؤولة إلى حد الإجرام.
يلعب بالنار:
وفي ذات السياق ادان البرلمان الكيني موقف روتو ،ووضعت أكبر الصحف الكينية توزيعا وانتشارا (ديلي نايشن) على صدر غلافها صورة لقائد المليشيا،وقالت عنوانها (يلعب بالنار) في اشارة للرئيس الكيني لاستضافته فعالية تدشين حكومة المليشيا.
بالمقابل ادانت عدد كبير من المنظمات الكينية والأفريقية (12) منظمة استضافت كينيا لاجتماعات المليشيا ،وقالت ان هذا الامر ينظر اليه كخطر يهدد السودان ووحدته ويهدد كل القارة الافريقية،ودعت المنظمات الافريقية مجلس السلم والأمن الأفريقي لاصدار ادانة عاجلة ولحث كينيا لسحب الاعتراف بمليشيا الدعم السريع، وفرض وضع (غير مرغوب فيه) على أعضائها، والاعتذار للسودان .
شريكا في الجرائم:
ووفقًا لتحذيرات منظمات حقوقية ودولية، فإن استضافة كينيا لهذه المليشيا يعتبر انتهاك لالتزامات كينيا بموجب مواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وتجعلها (شريكًا في جرائم) التي تُرتكب ضد المدنيين في السودان.
واوضحت المنظمات ان الاستضافة تتناقض امع بيان مجلس السلم والأمن الإفريقي الصادر قبل أيام، والذي دعا إلى وقف التدخلات الخارجية وضرورة الحوار السياسي الشامل.
وأكدت منظمات، منها (مبادرة الأفارقة من أجل القرن الإفريقي) و(لجنة حقوق الإنسان في كينيا)، في بيان مشترك، أن الخطوة الكينية تقوّض جهود الوساطة الإفريقية بقيادة اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي، خاصة مع سعي هذه القوات والمجموعات المتحالفة معها لتشكيل حكومة منفى غير شرعية .
البيان وقعته 12 منظمة كينية ودولية، منها (منظمة مراقبة الفظائع في إفريقيا)، (اتحاد المحامين الأفارقة)، (المركز الإفريقي للحكم المفتوح)، داعيةً إلى مساءلة كينيا .
تصعيد :
وكخطوة تصعيدية تدرس الحكومة السودانية قطع علاقتها مع كينيا ،وفيما شكل مجلس السيادة السوداني ومجلس الوزراء لجنة لدراسة كل الخيارات المتاحة ،استدعت الخارجية سفيرها من كينيا في خطوة وصفت كمقدمة لقطع العلاقات بين البلدين.وقال بيان لوزارة الخارجية إن كمال جبارة استدعي للتشاور ردا على استضافة كينيا لاجتماعات تضم مليشيا الدعم السريع وحلفائها، في خطوة عدائية ضد السودان
ودعت الخارجية نيروبي إلى التخلي عما أسمته مسارا خطيرا يهدد السلام والأمن الإقليميين ويعزز الإرهاب والإبادة الجماعية . وكانت الحكومة السودانية قد اتهمت في وقت سابق رئاسة كينيا بـ (احتضان وتشجيع مؤامرة) لتشكيل حكومة بقيادة المليشيا.
تهديد أمريكي:
ولم يكن التصعيد السوداني هو التصعيد والتهديد الوحيد المعلن ضد الخطوة الكينية فقد
انتقد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور جيم ريش، موقف كينيا من الأزمة السودانية، متهمًا إياها بمساعدة المليشيا على إضفاء الشرعية على حكمها الإبادي الجماعي تحت غطاء جهود السلام.
وأشار ريش، في تغريدة على حسابه بمنصة (إكس)، إلى أنه قاد جهودًا في الكونغرس العام الماضي للاعتراف بالفظائع التي ارتكبتها المليشيا، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص، باعتبارها إبادة جماعية.وأضاف أن هذه الفظائع أصبحت رسميًا جزءًا من السياسة الأمريكية في يناير الماضي، مشددًا على أن محاولات كينيا (لإخفاء الحقيقة) لن تضع حدًا للمجازر الجارية في السودان.
وفي ذات الاتجاه مارس وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ضغوط على الرئيس الكيني وابلغه رفض أمريكا لتكوين حكومة غير شرعية للمليشيا التي تصنفها واشنطن كمليشيا ترتكتب الإبادة الجماعية ضد السودانيين ،وأجرى روبيو اتصال هاتفي مع روتو تناول في ظاهره العلاقات بين البلدين. وأقر روتو خلال تغريدة له في (أكس) ان المحادثة ناقشت الوضع في السودان ،وحاول روتو ان يبرر الدور الذي يقوم به تجاه السودان باستضافته لفعالية تكوين الحكومة الموازية بانه يسعى لتوفير منصة للحوار للسودانيين بحد زعمه لوقف تدهور الأوضاع في البلاد وضمان الوصول إلى سلام مستدام.
بيان مفبرك:
وعلى ذات المناول نفت ايقاد دعمها لحكومة المليشيا بحسب بيان مفبرك منسوب لها،ونفت مصادر صحفية كينية صحة بيان متداول يزعم أن الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد) تدعم مبادرة الرئيس الكيني ويليام روتو لاستضافة قادة مليشيا الدعم، السريع، مؤكدة أن البيان لا يمت لها بصلة .ووفقًا لموقع (كينيانز) الكيني، أصدرت إيغاد بيانًا رسميًا أوضحت فيه أن الخطاب المتداول، الذي يدعي تأييدها لقاءات الرئيس الكيني مع قادة المليشيا مزور ولا يعكس موقفها الرسمي.وأفاد تقرير نشره موقع (ذي كينيا تايمز) بأن إيغاد أكدت التزامها بالحل السلمي للأزمة السودانية، مشددة على أنها لا تنحاز إلى أي طرف في النزاع. كما أكدت أن أي تصريحات أو وثائق لم تصدر عبر قنواتها الرسمية لا تعبر عن موقفها الحقيقي.
ستدفع الثمن:
وفي سياق متصل قالت الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أماني الطويل، إن كينيا ستدفع ثمنا باهظا من أمنها الداخلي لما تفعله بالسودان ، في إشارة إلى استضافة نيروبي لفعاليات إعلان حكومة موازية بالسودان
ودعت في منشور على (فيسبوك)، الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي التحرك ضد السلوك الكيني الذي يتعارض مع ميثاق المنظمتين، حد قولها
سر العلاقة بين روتو وحميدتي:
يشير وسائل الاعلام الكينية لوجود شراكات اقتصادية بين روتو وحميدتي في مجالات التعدين ،فضلا عن تمويل الحملة الانتخابية للرئيس روتو من قبل حميدتي .
وتشير مصادر لتسجيل الرئيس الكيني روتو زيارة سرية للسودان في 2020 عبر طائرة خاصة تتبع لشركة فونيكس من طراز سيسينا 560 بالتنسيق مع رجل الاعمال السوداني اسامة داؤود وفقا لما ذكره حينها موقع (كينيا اليوم) ،وتنقل روتو خلال الزيارة في عدد من مواقع تعدين الذهب .
وتؤكد المصادر ان العلاقة بين حميدتي وروتو تمت عبر هندسة من رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك والذي تجمعه علاقة بالرئيس الكيني منذ كان يعمل في مجال المنظمات الدولية ،ولعل العلاقة هذه ما دفعت بالرئيس الكيني لاستقبال حميدتي عقب اندلاع الحرب ،وتوفير غطاء دبلوماسي له وتسهيل الدعم اللوغستي لحركة المليشيا ووفدها التفاوض عبر جوازات سفر كينية ، ولاحقا عقب اندلاع الحرب نقل (آل دقلو) جزء كبير من أموالهم من الإمارات إلى البنوك الكينية ،وامتلكو فيها عدد من البنايات السكنية والشركات.
وربما فضل رجل الأعمال الكيني والبائع المجول السابق دولارات وذهب المليشيا والإمارات على علاقات بلاده ومستقبلها الدبلوماسي ،فالرئيس الذي بدأ حياته فقيرا ولم يرتد حذائا حتى بلغ الـ15 وشق طريقه عن طريق الانتهازية وسط السياسيين قد يؤثر فقره على مستقبل بلاده ومستقبله هو نفسه ،ففشلت كل محاولاته لتجميل وتبرير عملية استضافة فعالية الجنجويد باراضيه.
نقلا عن “أصداء سودانية”