الخرطوم تحت الضغط.. انتشار واسع للحميات وشح في المحاليل الوريدية

أم درمان – أمير عبدالماجد
بعد تحرير ولاية الخرطوم ومع انطلاق الدعوات لعودة المواطنين إلى منازلهم التي نهبت غالبا وسرقت مقتنياتها ومع انتشار الجثث على نطاق واسع بالعاصمة الخرطوم كان واضحا أن العاصمة مقبلة على كارثة بيئية إذ انتشر الذباب والبعوض على نطاق واسع مع تكدس الجثث والنفايات لاكثر من 25 شهرا.. جثث في الشوارع والمنازل معظمها تحلل ونفايات زادت عليها الامطار التي غمرت مساحات كبيرة في ظل غياب الحكومة وانعدام المصارف.. بالاضافة إلى عدم وجود كهرباء ومياه في أغلب المناطق وتذبذب وجودها في المناطق الأخرى.. هذا الوضع انتج كوارث بيئية مثل الكوليرا التي ضربت البلاد في وقت سابق وادت لوفاة العشرات ومثل الحميات التي تضرب العاصمة حاليا بقوة وتهز اركانها للدرجة التي لايخلو فيها بيت من مريض.

يقول عثمان المرضي الشهير ب( أبو الشوش) الذي وفد إلى منطقة الثورات من شرق النيل إنه فقد زوجته قبل اسبوع بسبب حمي الضنك ويتابع الان علاج ابنته الكبري التي تعاني من مزدوجة الملاريا وحمى الضنك فيما ترك ابنه وابنته الأخرى في شرق النيل، وأضاف “شرق النيل التي لم تعرف الكهرباء حتى الان انتشرت فيها حمى الضنك بصورة مخيفة وسط انعدام الخدمات وغياب الدولة وشح العلاج”، وتابع “نقلنا زوجتي لمستشفي النو بكرري بعد تدهور صحتها لكنها فارقت الحياة”.
ومثل أبو الشوش يعاني آلاف السكان في الخرطوم من نقص المال لشراء العلاجات ومن شح العلاجات نفسها وعدم توفرها ومن انتشار واسع للبعوض حول حياة المواطنين إلى جحيم في ظل انقطاع الكهرباء.
يقول د.محمد العاجب اخصائي الباطنية إن المستشفيات تستقبل مئات الحالات يوميا، مشيرا إلى أن الامر يستدعي فعلا إعلان حمى الضنك والملاريا كوباء في الخرطوم لان الأمر جد خطير ولا أعلم لماذا تتلكأ حكومة الولاية في اعلان حقيقة الأوضاع التي يبدو أنها أكبر من قدراتها، وأضاف “يجب اعلان الخرطوم كمنطقة موبؤة وخطرة حتى نحشد الموارد لرش البعوض والنواقل وتوفير الأدوية والعلاجات لانقاذ حياة الناس”، وتابع “حياة الناس هي الأهم”.
ويري د.كرم الدين الفكي المختص بالمعامل أن الأمر فيه تضخيم سياسي لان حمى الضنك في النهاية مرض فيروسي يحتاج إلى رعاية وبندول لكنه لم ينفي تحولها إلى قاتل صامت واكتفى بالاشارة إلى أن الحالات التي تحدث لها مضاعفات خطرة قليلة، وتابع “معظم الحالات التي تصلنا تظهر فيها الملاريا وحمى الضنك معا وهذا يستدعي علاجهما معا). وتتكدس أعداد كبيرة من المرضي بالمستشفيات الحكومية مثل النو وام درمان بالاضافة الى المراكز الصحية الصغيرة وحتى مراكز الفحص الطبي تشهد ازدحاما كبيرا لفحص الملاريا وحمى الضنك.

تقول إحدى العاملات بمستشفي النو وجدتها تصطحب والدها لاجراء فحص الدم “أغلب ما تعمل عليه المعامل الان هو فحص حمي الصنك والملاريا واغلب الحالات نتائجها ايجابية” واضافت فاطمة ادم “نحن في انتظار نتيجة الفحص لكنه مصاب بحمى وآلام في مفاصل جسده وصداع مستمر”، وتابعت “رفضنا تلقي اي علاج قبل مقابلة الطبيب واجراء الفحوصات لكن الامر قاتل.. الاعداد كبيرة وعليك أن تنتظر لساعات لا اعلم إن كان المريض سيتحملها في هذا الجو الخانق وانقطاع الكهرباء ام لا”.

وتظهر الصيدليات في ام درمان حذرا واضحا في التعامل مع احتياجات المرضي من المحاليل الوريدية التي بدات تختفي من أرفف الصيدليات.. يقول د. صيدلي الفاتح احمد عبدالوهاب “لم نعد نتعامل مع مجرد حالات مرضية هذا أشبه بالوباء، وأضاف “المتوفر أقل من الطلب بكثير واصبحنا عندما يطلب المريض ستة محاليل نمنحه نصف الكمية حتى نوفر لغيره”.
وقال “حتى الان لاتوجد جهود علي الارض.. لاطائرات رش ولاسيارات ولا احصاءات ولا اثر لوزارة الصحة الاتحادية والولائية التي لم ترد حتي الان على تساؤلات (الأحداث) بالخصوص حول حمى الضنك وخارطة انتشارها داخل الخرطوم والاحصاءات وخطوات محاصرة المرض.

Exit mobile version