د.جادالله فضل المولي
في زمنٍ تتكاثرُ فيه التحدياتُ وتتشابكُ فيه الأزماتُ، يظلُّ الحفاظُ على السودانِ ووحدتِه واجباً وطنياً لا يقبلُ التأجيلَ أو التهاونَ. فالوطنُ ليس مجردَ أرضٍ تُسكنُ، بل هو كيانٌ يُحملُ في القلبِ، وتاريخٌ يُروى، ومستقبلٌ يُصانُ. إنّ السودانَ، بتنوعِه الثقافيِّ والعرقيِّ، وبثراءِ حضارتِه، وبقوةِ شعبِه، يستحقُّ أن يُحمى من كلِّ ما يهددُ استقرارَهُ ووحدتَهُ.
الوحدةُ ليست شعاراً يُرفعُ في المناسباتِ، بل هي جوهرُ الاستقرارِ، وشرطٌ أساسيٌّ لأيِّ نهضةٍ حقيقيةٍ. إنّ التعددَ الذي يميزُ السودانَ يجبُ أن يُحتضنَ كقيمةٍ إيجابيةٍ، لا كعاملِ انقسامٍ. فالتنوعُ هو مصدرُ غنىً لا ضعفاً، وهو فرصةٌ لبناءِ وطنٍ يتسعُ للجميعِ دون إقصاءِ أو تهميشٍ.
الحفاظُ على السودانِ مسؤوليةٌ مشتركةٌ، تبدأُ من المواطنِ البسيطِ، ولا تنتهي عند صانعِ القرارِ. فكلُّ فردٍ قادرٌ على أن يسهمَ في بناءِ الوطنِ، سواءً بالكلمةِ، أو بالفعلِ، أو بالموقفِ. الإعلامُ، والتعليمُ، والمجتمعُ المدنيُّ، جميعُها أدواتٌ فعّالةٌ في ترسيخِ قيمِ الوحدةِ والانتماءِ.
الشبابُ السودانيُّ أثبتَ مراراً أنّه قلبُ الوطنِ النابضُ، وضميرُهُ الحيُّ. فهمُ الذين خرجوا في الساحاتِ مطالبينَ بالحريةِ والعدالةِ، وهمُ الذين يحملونَ طموحاتِ التغييرِ والإصلاحِ. إنّ تمكينَ الشبابِ، وإشراكَهم في صنعِ القرارِ، هو ضمانةٌ لمستقبلٍ أكثرَ إشراقاً واستقراراً.
السودانُ غنيٌّ بتراثِه الحضاريِّ، من آثارِ الممالكِ القديمةِ إلى الفنونِ الشعبيةِ المتنوعةِ. الحفاظُ على هذا التراثِ ليس ترفاً ثقافياً، بل هو واجبٌ وطنيٌّ، لأنّ الهويةَ تُبنى على الذاكرةِ، والذاكرةُ تُصانُ بالوعيِ والحمايةِ. إنّ الاعتداءَ على الآثارِ أو تجاهلَها يُعدُّ اعتداءاً على روحِ الوطنِ.
في ظلِّ الأزماتِ، يحتاجُ السودانُ إلى دعمٍ خارجيٍّ، لكنّ هذا الدعمَ يجبُ أن يكونَ مشروطاً باحترامِ السيادةِ الوطنيةِ، وعدمِ التدخلِ في الشؤونِ الداخليةِ. المجتمعُ الدوليُّ مدعوٌّ إلى دعمِ جهودِ السلامِ، وتقديمِ المساعداتِ الإنسانيةِ، دون فرضِ أجنداتٍ أو مصالحَ ضيقةٍ.
إنّ الحفاظَ على السودانِ ووحدتِه ليس خياراً سياسياً، بل ضرورةً وطنيةً وإنسانيةً. فالوطنُ الذي نحلمُ به هو وطنٌ يُبنى بالحبِّ، ويُصانُ بالوعيِ، ويزدهرُ بالعملِ المشتركِ. فلنكن جميعاً على قدرِ المسؤوليةِ، ولنجعلْ من السودانِ قصةً تُروى بفخرٍ، لا مأساةً تُحكى بحسرةٍ.
