التفتيش في قلب المتنبي: محكمة تفتيش أدبية ونفسية
الأحداث – خاص
“التفتيش في قلب المتنبي” أحدث أعمال الكاتب السوداني عمرو منير دهب؛ الكتاب صدر عن دار الأمان بالرباط ومنشورات الاختلاف بالجزائر ومنشورات ضفاف ببيروت في 160 صفحة من القطع المتوسط.
يفتّش الكتاب في أعماق المتنبي النفسية التي لم تبخل على الباحثين المنقّبين فيها على مرّ العصور، وذلك بالنظر إلى طبيعة الشاعر القلقة وحياته الصاخبة التي ظلت ملهمة ليس لعشّاق الشعر والأدب فحسب وإنما للناس من مختلف المشارب على امتداد الزمان في العالم العربي.
تحت عنوان “المتنبي وكسر الجدار الرابع” يقول دهب: “كما في المسرح، عمد المتنبي في شعره إلى كسر الجدار الرابع مع جمهوره، فهو لم يقف إزاء ذلك الجمهور كما لو كان يعامل متلقّياً غائباً أو مجهولاً وإنما احتكّ بجماهيره في قصائده ولم يتحاشَ مواجهتها بخطاب مباشر أو شبه مباشر في كل قصائده تقريباً. بل إن شاعرنا تعدّى ذلك إلى حيث بدا كمن يورّط قرّاءه في خطابه الشعري ويستفزّهم لاتّخاذ المواقف عوضاً عن البقاء محايدين إزاء ما يطرحه من قضاياه الشائكة”.
يواصل عمرو منير دهب: “والمفارقة أنه على الرغم من أن تلك القضايا كانت شخصية صرفة في الغالب، وعلى الرغم من أن شاعرنا بلغ فيها من العنصرية والأنانية وأذى الآخرين – بل وهجاء المتلقين هجاءً مباشراً كما رأينا في أكثر من مقام سابق – فإن قرّاءه قد استجابوا لاستفزازه ذاك بموافقته إلى حدّ الإذعان والتوحّد التام مع قضاياه الشخصية تلك حتى وهو يقدح في أصولهم العرقية أو القومية؛ وبالانتباه إلى ما أشرنا إليه من استعلاء الشاعر على البشر أجمعين وعلى كل ما خلق الله، فإن أحداً من المتلقّين لم ينجُ بحال من سياط تعاليه اللاذعة”.
وعن “المتنبّي أبرز شعراء العربية على مرّ العصور” يقول المؤلف: “اعتدادٌ بالنفس يبلغ ما يوصف بجنون العظمة، رغبة جامحة في العطايا المادية على اختلافها، هوَس عظيم بالولاية، لامبالاة تجاه الاعتبارات الدينية المقدّسة، عنصرية عربية حادة وعميقة، حسّ هجائي فاحش ولسان مقذع متى ما لزم الأمر وكثيراً ما كان يلزم، قدرة على الانتقال بثبات من التهافت بين يدي الممدوح إلى أرفع درجات الإباء والندّية أمامه. تلك السمات الفريدة وغيرها على ذات الشاكلة هي ما شكّل شخصية المتنبي منقطعة المثال؛ وببضع صُدَف ومفارقات شخصية واجتماعية وسياسية من طراز شديد التميّز عاش شاعرنا حياة أشبه بدراما بالغة الإثارة صَنَع أشدَّ حبكاتها بنفسه واستجاب بعنف وحدة لحبكات أخرى لا تقلّ تعقيداً وَجَدَ نفسه أمامها وهو يؤدّي دور الشاعر العربي الأعمق شهرة والأشدّ تأثيراً والأكثر إثارة للسهر والاختصام بحسب نبوءته الشخصية”.
اشتمل الكتاب على أكثر من ثلاثين عنواناً من قبيل: “انتصاراً لكافور على سيف الدولة”، “عنصريّتنا لا عنصريّة المتنبي وحده”، “بين المتنبي ومارادونا”، “المتنبي وسلاسل البحتري الذهبية”، “المتنبي ومحبرة ابن خالويه”، “أكبر تزوير في تاريخ الإعلام العربي”، “استغلال السلطة الأدبية”، “المتنبي وكسر الجدار الرابع”، “فضيلة الإصرار على الخطأ”، “أمراض المتنبي النفسية”، “براعة المتنبي في معايبه “، “أبرز مدمّري نظرية موت المؤلّف”.