وشهد شاهد.. من أهلهم..!
تقرير / هاشم عبد الفتاح
(احدثت قضية اعتراف دولة (كولمبيا) وعبر مندوبها الدائم الأمم المتحدة في (جنيف) بأن لديها مواطنين كولمبيين يشاركون في حرب المليشيا ضد الجيش السوداني.
احدث هذا الاعتراف ردود فعل واسعة ومتباينة في الدوائر الأوساط السياسية والقانونية على المستوى الدولي والإقليمي باعتبار ان هذا سيفتح ملف المرتزقة الدوليين المتعاونين مع مليشيا الدعم السريع في حربها الحالية ضد الدولة السودانية وربما يدخل بعض الدول الحليفة مع المليشيا في حسابات قضائية واممية. لكن المهم جدا في هذا الاعتراف هو قدرة الحكومة السودانية وقدرة خطابها السياسي والقانوني والدبلوماسي في استغلال هذا الاعتراف بما يخدم قضيته داخل مجلس الأمن الدولي)..
كيف ينظر الخبراء لهذه القضية..؟
في هذه المساحة حرصنا على طرح هذه القضية على بعض الخبراء المحللين والمراقبين السياسيين لمزيد من الايضاحات وذلك من خلال الأسئلة التالية :
اولاً: ماذا يعني الاعتراف رسمياً من حكومة كولمبيا بأن لديها مرتزقة كولمبيين يحاربون مع المليشا ضد الجيش السوداني؟
ثانياً: كيف يمكن للسودان ان يستغل هذا الاعتراف لدعم قضيته في الأمم المتحدة.. وما هو شكل وطبيعة التحرك السوداني المطلوب حالياً؟
ثالثاً : هل يمكن أن يقود هذا الاعتراف إلى كشف حقيقة وابعاد مشاركة (جنسيات) أخرى في حرب المليشيا ضد الحكومة السودانية؟
رابعاً: وهل من المتوقع أن يحدث تحول واضح في مواقف مجلس الأمن وبعض الدول الكبرى كامريكا وبريطانية من محطة (السلب) إلى (الايجاب) في قضية السودان ضد المليشيا؟
خامساً: وهل يمكن أن يقود هذا الاعتراف الكولمبي إلى كشف حقيقة تورط (دولة الإمارات) في قضية المرتزقة المرتزقة في هذه الحرب؟
وشهد.. شاهد..!
بداية.. تحدث الأستاذ عثمان ميرغني الكاتب الصحفي والمحلل السياسي قائلا : ( اولا الاعتراف من دولة كولمبيا بأن لها مرتزقة يحاربون مع المرتزقة ضد الجيش.. ليس هذا هو الاعتراف الأول وإنما كان هناك اعتراف (مسبق) ، بل اعتذار من الخارجية الكولمبية للسودان عن مشاركة سابقة قبل عدة أشهر لهؤلاء المرتزقة في هذه الحرب، حيث قدمت الحكومة السودانية دلائل دامغة عن طريق إبراز بطاقات (هوية) وبعض المستندات التي تدلل على شخصيات بعينها وأسماء محددة من المرتزقة الكولومبيين الذين شاركوا في عمليات في بعض مناطق دارفور ، ولذلك هذا الاعتراف يعتبر إثبات للمرة الثانية من جانب الحكومة الكولمبية بأن لديها مرتزقة (كولمبيين) يحاربون مع المليشيا ضد الجيش.
اما بشأن كيف يمكن للسودان ان يستغل هذا الاعتراف لدعم قضيته في الأمم المتحدة.. وما هو شكل وطبيعة التحرك السوداني المطلوب حالياً؟
السودان والأمم المتحدة..!
يقول الاستاذ عثمان.. ان هذا السؤال كبير للغاية، لانه لا يرتبط فقط بهذه الوقائع بعينها، لان العلاقة مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عموما هى علاقة ذات اتصال مؤسسي ولا تقوم على الأحداث المفردة بصورة محددة.. (بمعنى اخر)، أن بناء علاقة إيجابية مع الأمم المتحدة والمجتمع الخارجي بصورة عامة تمكن السودان من فرض (اجندته) والتسويق لها تتطلق اتساق في السياسة الخارجية بصورة عامة وتعاون وشراكة (وانخراط) مع المجتمع الدولي في مختلف القضايا، وللأسف هذا البعد غائب تماما في السياسة الخارجية.
ويعتقد الأستاذ عثمان ميرغني ان السودان شبه معزول دوليا واقليميا ويعاني كثيراً في التواصل مع المنظمات والمؤسسات الدولية، وادى ذلك إلى استبعاده في بعض المناشط الدولية التي أقيمت وكانت مخصصة للقضية السودانية، ولذلك من الصعوبة ان يستغل السودان حوادث بعينها او بعض الإجراءات او بعض الأوراق التي لصالحه في محاولة تسويق اجندته في ظل غياب الحضور الدولي بصورة عامة والانكفاء على الذات ومحاولة الابتعاد مع المجتمع الدولي خاصة في المسائل خاصة في المسار الذي ظل يدعو له المجتمع الدولي للتسوية السياسية في السودان
سقوط الاقنعة..!
وفي اجابته على السؤال : (هل يمكن أن يقود هذا الاعتراف إلى كشف حقيقة وابعاد مشاركة (جنسيات) أخرى في حرب هذه الحرب؟
أكد الأستاذ ميرغني.. ان هناك جنسيات كثيرة مشاركة في هذه الحرب من دول الجوار (جنوب السودان، تشاد، إثيوبيا بالإضافة إلى دول الساحل الافريقي وغرب أفريقيا، وثبت ذلك بادلة قاطعة لا يمكن إنكارها ولذلك هى حرب متعددة الأطراف وتعمل هذه المجموعات الخارجية في عدة محاور مثل (الخرطوم والجزيرة وسنار) وكان وجودها ظاهر للعيان وهناك أدلة دامغة كشف عنها الجيش السوداني، بعضهم وقع أسرى في يد الجيش وبعضهم وجدت مستندات تدلل على وجودهم ولذلك فإن المشاركة مع المليشيا من جنسيات خارجية واسعة للغاية وفي الفترة الأخيرة ونسبة لضعف والاستنفار الداخلي كان هناك توسع في الاستعانة بالعناصر الخارجية وبالاخص من عناصر حفتر بليبيا.
التحولات المتوقعة..!
وحول التوقعات بحدوث تحول واضح في مواقف مجلس الأمن وبعض الدول الكبرى كامريكا وبريطانية من محطة (السلب) إلى (الايجاب) في قضية السودان ضد المليشيا؟
يرى الأستاذ عثمان ان هذا التحول مطلوب وبشدة لانه يدعم موقف السودان من الناحية السياسية والعسكرية والمهم جداً الناحية الاقتصادية.. لكن للأسف الشديد حتى الآن ليس هناك تحولات واضحة، وهذا ناتج ليس من مواقف مسبقة من هذه الدول بقدر ما انه ناتج، اما من أوضاع داخلية في السودان مثل اتهام السودان بأنه لازال بعيداً عن الحكم المدني وان هناك انقلاب عسكري يهيمن على الدولة وبذلك حُرم من مقعده من الاتحاد الافريقي، وهذه نقطة مهمة جدا لان العالم يتعامل مع المنظمة الإقليمية الممثلة في الاتحاد الافريقي، كاداة مهمة في تشكيل قناعاته مع الدول التي تنتمي إلى القارة الأفريقية، ولهذا فان السودان يحتاج إلى علاقات للتعامل مع ملفات داخلية وأخرى خارجية تختص بعلاقته مع المجتمع الدولي والإقليمي وبالصورة التي تعزز علاقته بالمجتمع الخارجي وتجعلة دولة ذات ابعاد متعددة تعنى بالعلاقات الثنائية.
*الإمارات المرتزقة..!
اما بشأن دولة الإمارات يؤكد الأستاذ عثمان بأنها تدعم المليشيا بصورة واسعة بمختلف السياقات خاصة فيما يتعلق بالتسليح والحشد البشري، وبالضرورة وبالضرورة سيكون هناك اتصال مباشر بين الإمارات وهذا (الملف)، في إشارة لملف المرتزقة الكولمبيين.
رفض الحكومات الموازية..!
وفي السياق ذاته أكد الدكتور المعتصم عبد القادر الخبير العسكري والمحلل السياسي في افاداته ان السودان قدم الكثير من الوثائق إلى مجلس الأمن الدولي ولمنظمات حقوق الإنسان حول الانتهاكات التي تعرض لها السودانيين وان هذه الجرائم اخرصت الأصوات في الجانب الاخر من المعارضين سواء كان ذلك على مستوى الدول او على مستوى الأفراد او التنظيمات التي تدعم المليشيا المتمردة، وأعتقد أن هناك تقدم كبير في قضية السودان وهناك أيضا تعامل مع الحكومة الشرعية في السودان المتمثلة في مجلس السيادة ومجلس الوزراء، كما أن هناك رفض للتعامل مع أي شكل من أشكال الحكومات المتوازية والاجسام الأخرى التي تحاول العبث بالأمن السوداني
اما بخصوص الاعتراف الذي قدمته الحكومة الكولمبية بأن لديها مرتزقة يقاتلون مع المليشيا ضد الجيش السوداني هو نتيجة لأسر وقتل الكثيرين منهم، وهذه قضية مثبتة، فهم ليس كلومبيين فقط بل هناك جنسيات أخرى من امريكا اللاتينية يأتون من دولة الإمارات عبر شركات، وكما ذكرنا فهى مسألة مثبتة بالاعترافات بالوثائق التي وجدت معهم وكذلك باعترافات اسرهم داخل كولومبيا بل ان الحكومة الكولمبية قامت بتحقيقات موسعة بواسطة السلطات الكولمبية وعبر الصحافة الاستقصائية وتوصلت إلى نتائج حاسمة واعتذرت للشعب السوداني للمعاناة التي سببها هؤلاء المرتزقة للمدنيين في السودان.
*الجيش السوداني في ذهنية العالم..!
وأشار الخبير المعتصم إلى أن الجيش السوداني قادر تماماًعلى رد هذا العدوان الا ان الإشكالية الأساسية هى ان هذه الحرب تستهدف المدنيين في المقام الأول إلا ان الجيش السوداني اعطى صورة قوية للعالم بأنه هو السلطة الحاكمة وان الطرف الآخر هم مجرد متمردين لا يملكون القدرة على التعامل مع المعارك العسكرية ولا مع القوى المدنية.
وأعتقد أن الحملات الدبلوماسية سواء على مستوى الرئاسة او وزارة الخارجية او حتى على مستوى المبعوثين الرسميين للحكومة السودانية أثرت كثيرا في مواقف بعض الدول، كما أن بعض دول الجوار كانت تتخوف من ان تنتقل اليهم هذه الحرب وتهدد امنهم.
شركات إنتاج المرتزقة..!
ويبدو كذلك واضحا ان مصر والسعودية تقفان في جانب السودان خوفا على امنهم واستقرارهم، فهناك أكثر من (٢٠) دولة شارك مرتزقتها في هذه الحرب هؤلاء المرتزقة لم ياتوا كافراد ولم يعلموا ان هناك حرب في السودان فهنالك شركات معلومة مثل شركة فاغنر الروسية، وبلاك شير الأمريكية وايضاً هناك شركات إماراتية جاءت من قبل بمرتزقة إلى ليبيا والى مختلف الصراعات في العالم ويتم الاتفاق بين هذه الشركات وشركات أخرى محلية في كولمبية ويأتون اليهم بالجنود والخبراء ثم يدفعون بهم إلى مناطق النزاعات واحياناً يخضعونهم بأنهم ذاهبون إلى مناطق مدنية مثل تأمين البترول وغيرها ولكنهم في الواقع يجدون أنفسهم في مناطق الحروب.
لكن يبدو أن الاغراءات التي تقدم إلى هؤلاء المرتزقة كانت هى الدافع الأساسي لهم خصوصاً انهم قادمين من مناطق فقيرة، ولكن اتضح بما لا يدع مجالاً للشك ان السودان لم يعد أرضا صالحة لهؤلاء المرتزقة فمصيرهم القتل والأسر ولهذا تضاءلت حتى حواضن المليشيا بداءت في مراجعة مواقفها من الحرب، كما أن امدادات عرب الشتات من (الماهرية) سواء في النيجر او تشاد بدأت في سحب قواتهم من تلك المناطق وحدث كل ذلك بفضل صبر وثبات وشراسة الجيش السوداني والمجموعات المقاتلة معه.
الاعتراف “الكولمبي”.. الوثيقة الجديدة لادانة “مرتزقة” المليشيا
