الاستثمار بعد الحرب.. استغلال الفرص

تقرير – رحاب عبدالله
بعد توالي انتصارات الجيش السوداني في حرب الكرامة وتحرير كثير من المناطق داخل مدينة الخرطوم من دنس المليشيا، بدأت تلوح في الافق بداية استئناف الاستثمارات والصناعات لعملها مجددا، حيث أعلنت مجموعة أصيل القابضة استئناف تشغيل أول مصنع بالمنطقة الصناعية ام درمان الذي توقف منذ منذ اندلاع الحرب في منتصف ابريل 2023.
وأكدت مجموعة أصيل أن الافتتاح وبداية خط الإنتاج عقب موافقة اللجنة الامنية لولاية الخرطوم برئاسة والي ولاية الخرطوم، واعتبرت ذلك جهد كبير ومقدر للمجموعة بعد الدمار والخراب الذي لحق بمصانعهم في ام درمان وبحري من قبل المليشيا المتمردة.
*توقف قسري*
ومنذ الأشهر الأولى بعد الحرب أعلنت مؤسسات استثمارية تعليق مشاريعها وتسريح موظفيها إلى حين إشعار آخر بعد أن دمرت الحرب البنى التحتية للمصانع والمنشآت في الولايات المتأثرة بها، ومن هنا بدأت المعوقات الاستثمارية في الظهور على الرغم من أن الحكومة السودانية لا تزال تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية للعمل في الولايات الآمنة.
ويشير الخبير الاقتصادي د.عبدالعظيم المهل إلى أن خسائر الحرب فى الاقتصاد السوداني تقدر بأكثر من 100 مليار دولار، بعد توقف 70% من النشاط الاقتصادى في السودان. فيما تشير مصادر مطلعة إلى أن تكلفة المعارك في السودان تقدر بنحو نصف مليار دولار يومياً وفقاً لتقديرات غير رسمية.
*ارتفاع معدل البطالة*
ويرى المهل في حديثه ل(الأحداث) أن الحرب رفعت معدل البطالة في السودان من 32.14% فى عام 2022 إلى 47.2% عام 2024، وفقًا لإحصاءات صندوق النقد الدولى.
وارتفعت معدلات التضخم أيضاً بحسب بيانات صندوق النقد الدولي في السودان إلى 256.17%، وهو ما يعنى ارتفاعها بنسبة 117.4%، بالإضافة إلى تراجع حركة الصادرات بنسبة تتجاوز 60%.
*إجازة قانون تشريع الاستثمار*
والشاهد أن الحكومة السودانية تولي ملف الاستثمار اهتماما كبير ، وهذا يتضح جليا حيث أن الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019م المعدلة لسنة 2025م، والتي أجازها الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء (الأربعاء) الماضي، وتم من خلال الاجتماع إجازة قانون الشركات لسنة 2015م تعديل 2025م، وإجازة قانون تشريع الاستثمار لسنة 2021م.
*تدمير البنى التحتية*
وأقرت وزير الاستثمار والتعاون الدولي المكلفة، أحلام مهدي سبيل بالظلال السالبة التي ألقتها الحرب التي تمر بها البلاد منذ تمرد مليشيا الدعم السريع على قيادة الدولة، وتشابك مصلحة الوطن مع المصالح الاقليمية للقوى الخارجية، وأكدت الدمار الهائل الذي أصاب البنية التحتية والمصانع والمؤسسات لاسيما في العاصمة وبعض الولايات. وأشارت الوزير خلال حديثها ل(الأحداث) إلى أن الاستثمار كغيره من القطاعات الاقتصادية المهمة تأثر بتداعيات الحرب في قطاعاته الثلاثة الزراعي والصناعي والخدمي، خاصة المشروعات المتواجدة في ولاية الخرطوم من خلال التدمير أو نقص التمويل أو انعدام مدخلات الإنتاج ووسائل الحركة.
*خطة لقطاع الاستثمار*
وكشفت الوزير ل(الأحداث)عن وضع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي الخطط التي تواكب مرحلة ما. بعد الحرب، فقطاع الاستثمار مازال واعداً، لافتة إلى قيام وزارة الاستثمار بالمشاركة في العديد من الملتقيات لتوقيع الاتفاقيات الاستثمارية الجديدة وكذلك تفعيل الاتفاقيات السابقة وتنشيطها.
وقالت “نحن ماضون في جذب المزيد من الشراكات الاستثمارية النوعية التي من شأنها الدفع بعجلة الاقتصاد وتعمير ما دمرته الحرب وقد ركزنا في العملية الترويجية على مشاريع البنى التحتية في كافة المجالات كذلك الطاقات المتجددة والكهرباء والطرق والجسور والسكك الحديدية وغيرها من المشروعات “.
*طلبات استثمار*
وأكدت الوزير على أنه وبالرغم من الحرب ظلت وزارتها تتلقى طلبات للاستثمار ولا توجد أي استثمارات ألغيت حتى الآن فالاستثمار يمضي على قدم وساق.
وأشارت إلى سعي الحكومة السودانية لجذب العديد من الاستثمارات للبلاد خاصة بعد تقديم العديد من الحوافز والضمانات والامتيازات التي حتما ستجذب العديد من المستثمرين.
وأوضحت أن الحرب كانت دافعاً أكبر ولم تكن خصماً علينا لجذب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
*خطة فعالة لإعادة الاعمار*
بدوره يرى الخبير الاقتصادي، د.وليد دليل أن تجربة إعادة الإعمار الاقتصادي بعد الحرب تعتمد على الظروف الفريدة لكل بلد ونطاق التدمير الذي لحق بالاقتصاد الذي نحسبه كبيراً في الوضع السوداني تحديداً لهشاشة الوضع الاقتصادي بالسودان قبل الحرب ووجود العديد من المشكلات الاجتماعية والسياسية التي كانت تحيط بالمشهد قبل اندلاع الحرب.
وأوضح وجود بعض النقاط العامة التي يمكن أن تشمل تلك التجربة ومنها وجود خطة واقعية لإعادة الإعمار تراعي الظروف الاقتصادية للسودان والظروف الإقليمية والدولية التي تحيط به والاستفادة من الموارد المتوفرة لإنجاح خطة الاعمار.
وشدد دليل على ضرورة أن تكون الخطة فعالة بالتركيز على القطاعات الاقتصادية المفتاحية التي يمكن أن تسهم بشكل مباشر في عملية إعادة التنمية ويجب التركيز وبشكل أساسي على إعادة إعمار البنى التحتية من خلال التعاقد مع شركات عالمية لإنشاء وإعادة إعمار الطرق والجسور والمطارات والموانئ التي دمرتها الحرب من خلال تعاقدات تراعي الظروف المالية لبلد خارج من الحرب من خلال الاتفاق على عقود البناء والتشغيل والتحويل المشهورة باسم (BOT) “.
وأشار إلى ضرورة أن تعمل خطة الإعمار على تعزيز فرص العمل والاستقرار السياسي وأن تعمل على تقديم الدعم اللازم للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر المحرك الرئيسي لاقتصاد دولة كالسودان، مشيراً إلى أن تجربة إعادة الإعمار تحتاج إلى إرادة قوية من القيادة المحلية.
*افاق المستقبل*
وأوصت ورقة عمل في الملتقى الاستثماري الصناعي
بولاية نهر النيل أعدها نور الدائم مضوي بابكر ومفوض الاستثمار اسلام الصادق سلامه، بتهيئة بنية الاستثمار وخلق مناخ استثماري ملائم، وتجهيز وتوفير كل المعينات الضرورية لخلق مناخ استثماري جاذب والخارطة الاستثمارية القومية والخرط الولائية والقطاعية، وفي هذا المجال اهتمت الوزارة بموضوع الخارطة الاستثمارية وبذلت لها كل الامكانيات المتوفرة لدي الوزارة وبالتنسيق مع هيئة المساحة العسكرية تم توفير خارطة الاساس التي تشكل البوابة المهمة لاكمال الخارطة، كما قامت الوزارة بالتعاون مع معهد التخطيط العربي بالكويت بعمل مشترك للخارطة القومية الاستثمارية وتم جمع بعض البيانات، ذلك قبل نشوب الحرب، تحتاج الخرطة القومية الاستثمارية لعمل خرطة مشروعات بها دراسات أولية تكون دليل المستثمر ولا يتم ذلك الا بالتنسيق مع الوزارات الاتحادية والولايات.
ودعت إلى الترويج للاستثمار في مشاريع الأمن الغذائي وإنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص وتفعيل الشراكات الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة ونقل تكنولوجيا الطاقة المتجددة إلى السودان من مصانع إنتاج الألواح الشمسية
و الاستثمار في مجال الصناعات الإلكترونية والحديد وتصنيع الذهب والأدوية مع التركيز على الإنتاج من أجل الصادر والمساهمة في سد عجز ميزان المدفوعات. الإستثمار في إقامة المناطق الصناعية والزراعية الحرة في الولايات.
ونوهت الى وضع سياسات خاصة بالاستثمار لكل ولاية تتفق مع الميزات النسبية لكل ولابة
– إقامة الملتقيات الترويجية الداخلية والإقليمية والدولية لإستقطاب روؤس الأموال والمشاركة في المؤتمرات الخارجية .