الاتفاق الذي يُحتفى به في مهرجان استثنائي ومؤثر في الكنيست الإسرائيلي ليس اتفاق سلام

إيهود أولمرت
إنه اتفاق لإنهاء حرب غزة، وإعادة الرهائن (الأحياء والأموات)، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب إسرائيل المرحلي من قطاع غزة. ويتضمن إنشاء قوة أمنية مشتركة من جنود فلسطينيين ومصريين وأردنيين، وربما أيضًا إماراتيين وسعوديين، لتفرض السيطرة العسكرية على قطاع غزة وتمنع أي محاولة من حركة حماس لاستعادة قدراتها العسكرية.
وها هي إيفانكا هنا، وماركو روبيو أيضًا حاضر.
الإندبندنت: 33 وقفة تصفيق أثناء خطاب ترامب في البرلمان الإسرائيلي.
كما ينص الاتفاق على تشكيل لجنة من التكنوقراط لإدارة الحكومة في غزة بدلًا من حماس، تحت إشراف دولي يضم تركيا وقطر ومصر، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، ورئيس الولايات المتحدة نفسه.
إنه ترتيب مثير للإعجاب بدا غير متوقع حتى قبل بضعة أسابيع.
وافقت الحكومة الإسرائيلية على التخلي عن المواقف المتصلبة التي يمثلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. لم يتم القضاء على حماس بشكل كامل، لكنها تلقت ضربة قاسية جدًا. أما قطاع غزة فقد أصبح شبه مدمر تمامًا؛ معظم مبانيه لم تعد موجودة، ومن المحتمل أن الكثير من الغزيين ما زالوا مدفونين تحت أنقاضها.
ويُعرف أن عدد القتلى تجاوز 67 ألفًا، جزء كبير منهم لم يكن متورطًا في أي نشاط إرهابي على الإطلاق، وإنما كانوا ضحايا شبه حتميين للحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت عقب الهجوم الوحشي الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
أما إسرائيل فقد دفنت أكثر من ألفي قتيل، مدنيين وجنودًا، نصفهم تقريبًا في يوم 7 أكتوبر وحده، والبقية خلال الحملة العسكرية التي استمرت نحو عامين. تم إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء، ومن المؤكد أن جثامين الأموات ستُعاد في الأيام المقبلة.
هذا هو ملخص الأحداث الأخيرة. لولا أن دونالد ترامب قرر أن يجبر نتنياهو على الاعتذار لرئيس وزراء قطر، وأملى عليه نصًا مُهينًا، ووضع بجواره ممثلًا قطريًا يتأكد من كل كلمة يقولها، ربما كنا ما زلنا وسط الحرب.
لم يكن أي قائد آخر قادرًا على فرض هذا التسلسل من الأحداث سوى ترامب. الجهود التي بذلها إيمانويل ماكرون، وكير ستارمر، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، وغيرهم من قادة المجتمع الدولي ساهمت في تسهيل إنهاء الحرب. وهم يستحقون الشكر والتقدير. لكن قائدًا واحدًا فقط صنع الفرق الحاسم.
ترامب يستحق الامتنان من إسرائيل، خصوصًا لأنه أجبر رئيس وزرائها على القيام بما رفضه لأكثر من عام. هذا الاتفاق كان ممكنًا قبل عام – لكنه لم يصبح واقعًا إلا عندما قرر ترامب.
مع ذلك، فهو ليس اتفاق سلام. العنوان الذي اقترحه ترامب للمؤتمر الجاري في شرم الشيخ – “سلام 2025” – لا علاقة له بما حدث حتى الآن.
السؤال الحاسم الآن هو: هل سيُشكّل وقف الحرب المؤقت، والانسحاب الجزئي لإسرائيل من غزة، وبقاء نشاط محدود لحماس، نقطة انطلاق لخطوة سياسية جريئة تُغيّر الشرق الأوسط بأسره وتؤدي إلى سلام فلسطيني-إسرائيلي على أساس دولتين؟
دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، على حدود 1967، تكون القدس العربية عاصمتها، بينما تُدار المدينة القديمة في القدس عبر وصاية مشتركة بين خمس دول: السعودية، الأردن، فلسطين، إسرائيل، والولايات المتحدة. دولة فلسطينية منزوعة السلاح، بلا جيش خاص، بجوار دولة إسرائيل.
أم أن الوضع القائم، الذي أدى إلى أحداث 7 أكتوبر، سيستمر مستقبلًا – لا قدر الله؟
الرئيس الأمريكي، الذي يحمله تيار الدعم الدولي، دعا عشرات القادة إلى مصر. ولن يتخلوا عن فرصة التربيت على كتفه وإلقاء كلمات المديح على النمط الذي صار سمة المؤتمرات التي يشارك فيها ترامب. لكن هذه الاحتفالات – بأجوائها الكرنفالية المضحكة، وعناق المشاركين، وكلمات الشكر – وخطب ترامب الغريبة، كما كان الحال في الكنيست الإسرائيلي، وسخريته من سابقيه أوباما وبايدن، ليست بعدُ خطة سياسية.
لا يزال كثيرون في إسرائيل يحلمون بضم كامل للضفة الغربية وقطاع غزة إلى الدولة العبرية، وطرد سكانهما إلى دول عربية قريبة أو دول بعيدة توافق على استقبالهم. ولا يزال كثير من الفلسطينيين يحلمون بإعادة بناء القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي وغيرها من التنظيمات، على أمل تجديد الصراع العسكري في وقت قريب.
سواء من الجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي، يظل كثيرون أسرى أحلام وهمية تدفعها أيضًا الخراب والدمار. لكنها أحلام لن تجلب السلام.
اليوم، يظل الطرفان أسرى الصدمة الدموية للعامين الماضيين، وذكريات مؤلمة لعقود من الصراع الدموي. ومع ذلك، لا بديل عن تسوية سلام على أساس دولتين تعترف بالحقوق المتبادلة لكلا الطرفين.
في غياب زخم حقيقي، إذا استمر الوضع الراهن، سنعود إلى القتال.
فقط ترامب كان قادرًا على إحداث هذا التحول. إذا ركز على الجوهر، وتجنب التصريحات المتبجحة والطفولية أحيانًا والمشبعة بحب الذات، وأطلق مبادرة يعرف العالم كله أنها لا غنى عنها: دولتان لشعبين.
أما إذا لم يفعل، فستُذكر جلسة الكنيست الإسرائيلي اليوم، بكل ما صاحبها من مراسم مؤثرة، باعتبارها مجرد عرض مسرحي ساخر – لا أكثر.



