الاحداث – وكالات
في تحقيق استقصائي نشرته الصحيفة الإيطالية Il Foglio بتاريخ 26 أغسطس 2025، كُشف عن واقعة خطيرة تُظهر كيف سمح الاتحاد الأوروبي، عبر عملية إيريني البحرية (EUNAVFOR MED IRINI) المكلّفة بمراقبة حظر السلاح الأممي على ليبيا، بمرور شحنة أسلحة إماراتية رغم توافر معلومات استخباراتية مؤكدة عن انتهاك الحظر، وانتهى مسارها إلى قوات الدعم السريع في السودان.
تفاصيل الحادثة
وكشف التحقيق عن ابحار السفينة Aya 1 وهي سفينة حاويات ترفع علم بنما، من ميناء جبل علي في دبي يوم 1 يوليو 2025. الوثائق الرسمية وصفت الحمولة بأنها مستحضرات تجميل وسجائر وإلكترونيات متجهة إلى أوروبا.
وتلقّت عملية إيريني معلومات من الاستخبارات الأمريكية تفيد بأن الوجهة الحقيقية هي بنغازي بشرق ليبيا، وأن الحمولة تشمل مئات المركبات العسكرية (تويوتا هيلوكس وغيرها) وذخائر، مخصصة في نهاية المطاف لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بدعم إماراتي مباشر.
التفتيش الأوروبي
في 22 يوليو 2025، قرب جزيرة كريت، اعترضت فرقاطتان أوروبيتان—اليونانية Themistoklis والإيطالية Francesco Morosini—السفينة، وأكّد التفتيش وجود مركبات مدرعة ومعدات عسكرية.
•قرار مثير للجدل: رغم ذلك، سُمح للسفينة بمواصلة رحلتها بعد تقديم وثائق من حكومة الوحدة الوطنية الليبية، بالاستناد إلى “استثناءات غامضة” في قرارات مجلس الأمن. وصلت السفينة إلى مصراتة في 4 أغسطس، ثم أُعيد توجيه جزء من الحمولة إلى بنغازي وطبرق، قبل نقلها برًّا عبر الصحراء إلى السودان.
•مالك السفينة: رجل أعمال ليبي يُدعى أحمد قذاف (أو أحمد العوشيبي)، مقيم في دبي، وله علاقات وثيقة مع دوائر نافذة في الإمارات وشرق ليبيا.
أدلة وصول الشحنة إلى السودان
ووثق تحليل مفتوح المصدر أجراه Center for Information Resilience مقاطع فيديو نشرها مقاتلو الدعم السريع أنفسهم تُظهر استخدام هذه المركبات في معسكرات جنوب الجوف داخل ليبيا، ثم لاحقًا في عمليات بشمال دارفور ارتبطت بمجازر واسعة، من بينها مقتل نحو 1500 نازح في مخيم زمزم.
وأظهر مقطع مصوّر على منصة X قافلة تضم أكثر من 100 شاحنة تويوتا هيلوكس تتحرك من الصحراء الليبية باتجاه نيالا في جنوب دارفور.
دلالات خطيرة
وخلص التحقيق إلى أن الواقعة تكشف ازدواجية صارخة في تطبيق حظر السلاح: إذ تغلّبت الاعتبارات السياسية والاستثناءات الإجرائية على التفويض الأممي، ما أتاح استمرار شبكات التسليح العابرة للحدود وساهم مباشرة في تصعيد الجرائم والانتهاكات.
ما جرى لا يمثّل ثغرة تقنية فحسب، بل فشلًا سياسيًا مؤسسيًا سمح بتقويض أحد أهم أنظمة العقوبات الدولية، مع كلفة بشرية فادحة في السودان وليبيا.
