أوهام تمثيل الشعب
د.عبدالعظيم عوض
*من هم ممثلو الشعب، ومن يمثل الشعب السوداني في ظل الأوضاع الاستثنائية الحالية غير قواته المسلحة ؟ لأن إزاء مرحلة الاستقطاب الحاد الحالية والسيولة السياسية والامنية صار كل من هبّ ودبّ يتحدث كاذبا باسم الشعب السوداني ويزعم أنه يمثل الشعب.
*أمس استمعت لتصريحات للسيد سليمان صندل عضو قحت – تقدم وأحد أبرز الداعمين لفكرة إنشاء حكومة منفى أو حكومة موازية يقول انهم يُقدِمون على تلك الخطوة لأنهم مسؤولون مسؤولية سياسية واخلاقية تجاه شعبنا, أي والله قالها هكذا بقوة عين عجيبة دون ان يطرف له جفن، وأنا شخصياً أبرأ أن أكون ضمن شعبهم هذا وأزعم أن كل من يقرأ الآن من اصدقائي يعلن براءته المطلقة من مثل هذه (السلبطة).
* ذات العبارة ترددها مجموعة مستشاري زعيم المليشيا ويزيدون عليها انهم يحاربون (الفلول والكيزان) من أجل رفاهية السودانيين وتحقيق أحلامهم بالحكم المدني والديمقراطية ! بل مضوا بخطوة تنفيذية(عبيطة) حين نصبوا أحد الغلابة حاكما على الجزيرة وهو الآن في قبضة السلطات ، أرجوهم أن يترفقوا به.
*ونمضي مع هذه الظاهرة الشعبوية الشبيهة بظاهرة شعبان عبدالرحيم الشهير بشعبولا والذي شغل الدنيا في القاهرة يوما ما بموجة من الغناء الغث وسرعان ما ذاب وأختفى بذات السرعة التي سطا بها على أثر غفلة طارئة إلى مسارح أم الدنيا, وفي ذات المنحى طالعنا السيد خالد عمر الشهير بسلك بتصريح يقول فيه أن الحرب الحالية هي حرب النظام البائد للانتقام من شعبٍ رفض إستبداده ، نعم هو نفس الرجل صاحب المقولة الشهيرة( يالإطاري أو الحرب) وهو نفسه الذي انقذته العناية الإلهية من بطش الشعب ذاك اليوم حين احتمى بدكاكين السوق العربي.
*واخيرا وصلنا مرحلة أن يسعى هؤلاء الضالون إلى ما اسموه نزع الشرعية من الحكومة الحالية وإنشاء حكومة أخرى بدلا عنها, كيف مش عارف ؟ المهم انهم ساعون لذلك لأن لديهم وهم بأنهم مسؤولون عن الشعب سياسيا واخلاقيا أو كما قال صندل ، الشعب الذي شردوه في المنافي والملاجئ ومعسكرات النزوح ولديهم الرغبة في أن يحكموه، قالوا في البداية حكومة منفى، ثم عادوا ليقولوا حكومة موازية في المناطق التي يسيطر عليها الدعامة ، ثم أخيرا لم تعد المليشيا تسيطر على شئ ذي بال ،وحتى الجيوب التي مازالوا مقيمين فيها فرّ أهلها ولحقوا بذويهم في الداخل أو الخارج ، في حين اختاروا هم انفسهم الهروب غربا تجاه دارفور بعد أن ضيق عليهم الجيش الخناق ، في خطوة تلحقها العملية الحاسمة داخل معاقلهم إن شاءالله
*إذن السبيل الوحيد لمشروعية تمثيل السودانيين يقع بين خيارين لا ثالث لهما ، أما الانتخابات التي ظلت بعبعا ولا تطيق قحت مجرد ذكر سيرتها دعك عن الاعداد لها وهم داخل السلطة ، بل حتى البرلمان الذي قررت الوثيقة الدستورية انشاءه كمرحلة أولى بالتعيين فشلوا في تكوينه بسبب الصراعات فيما بينهم ، مما إضطر الجيش للتدخل وقطع الطريق أمام تلك الفوضى فيما عرف بتصحيح المسار.
*والطريق الثاني للمشروعية وهو استثنائي يتمثل في الجيش، الذي يلزمه الدستور والقانون بتسلم السلطة وسد أي فراغ فيها قد يُلحق الضرر بالأمن الوطني في حالة زوال النظام الشرعي الحاكم ، كما هوحادث الآن ومنذ العام 2019 وقبل ذلك في أبريل 85 ، وذلك ريثما تتمكن القوى المدنية من توفيق اوضاعها وتسلم السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة يعود بعدها الجيش إلى ثكناته ، ويبدأ من ثم المسار الدستوري الطبيعي.
نقلا عن موقع “أصداء سودانية”