أحمد عبدالرحمن محمد.. مهاتير الذي لم يحكم السودان

د. لمياء عبد الغفار
انتقل الي جوار ربه الشيخ أحمد عبدالرحمن الي جوار ربه في يوم الاثنين الموافق 10فبراير، توفي الشيخ في يوم مبارك وفي شهر مبارك ،توفي الشيخ في أرض المهجر ،فقد شاءت الأقدار أن يقبر بعيدا عن بلده الذي أحبها طوال حياته وظل مشغولا بهمومها وأهلها وأرضها حتي آخر لحظات حياته (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٢٤ لقمان) برحيل الشيخ أحمد عبدالرحمن يفقد السودان أحد أهم رموزه السياسية والاجتماعية التي اثرت علي المشهد السياسي والاجتماعي في السودان عبر حقب تاريخية متعددة ،تعاقبت فيها حكومات عسكرية وآخري ماتعرف بالديمقراطية ،ذلك الجيل الذي ساهم في ترسيخ استقلال السودان ،وتطوير الخدمة المدنية على مستوياتها المختلفة ،كما اثروا علي الساحة الاجتماعية والثقافية بابتدار المد الإسلامي التقدمي الذي عبر الينا من حدودنا الشمالية ،وبفقده وزمرة من رفاقه يفقد السودان جيلا كاملا من رجال الدولة وحكمائها وساستهاالذين سيوثر غيابهم علي الواقع السياسي في السودان، خاصة بعد اندلاع حرب أبريل 2023.
بكيناك ياعم أحمد بالدمع الحار وكنا نبكي وطنا استبيح من مليشيا غادرة،كنا نبكي اهلا تفرقت بهم السبل وأصبحوا شتاتا في قارات العالم من أقصي شرقها الي أقصي غربها ومن شمالها الي جنوبها،بكينا أطفالا سرقت براءتهم، اغتيلت أحلامهم، وأصبحت مدارسهم مخيمات للنزوح،وصارت ملاعبهم ساحات للقتال والدم والموت ،بكينا علي حرائر السودان اللائي استحيتهم الملايش وانتهكت كرامتهم وعزتهم، وامعنت في الاذلال انتقاما من اهل السودان قاطبة ،مثقفيه،طرقه الصوفيه ،مزراعيه،عمال مصانعه،وجعلت منا ومن ماساتنا تراجيديا للعنف لم تحدث في التاريخ الحديث ..أما أنا ياعم أحمد بكييييييت فيك أهلنا الكبار الماتوا ودفنوا برة السودان ،وأهلنا الذين دفنوا في المعابر والحدود ،اما عن حزني علي أهل الحارة البيدافعوا عن بلدهم وعن عرضهم ..حزني عميييق وكبير ماظن يتنسي بالزمن ولا بالموت حتي …
عم أحمد عبد الرحمن تربطني بي صلة رحم وهو من أهلنا الحاج موساب،الركابية اهل القرآن وأهل الدعوة وجدنا غلام الله بن عايد أبن ركاب ،وربطنا به الجوار والسكن في نفس الحي بالخرطوم منذ منتصف الثمانينات ،وربطتني به علاقتي بالاخت العزيزة عفاف..
أما في العمل العام ،التقيته بصورة قريبة في مجلس شئون الهجرة ،فكان الدعم والسند لنا ،برأيه السديد ،ومعرفته الموسوعية وقدرته علي الإقناع، وفقنا الله في معيته بمقاومة تغيير قانون الجنسية ،والذي واجه محاولات متكررة لتغييره ،لتجنيس كل القادمين الي السودان في العام 1970.
عم أحمد عبدالرحمن ،،
وأحد من الناس ،واحد من السودانيين ،وأحد من القيادات ،وأحد من السودانيين المتميزين، وأحد من أبناء الشمال البررة، توفرت فيه كل مميزات رئيس وزراء السودان كما مهاتير محمد(طبيب في مجلس الوزاراء)،
عم أحمد كان سيكون (مفكر في مجلس الوزراء) ..لكنه السودان ياسادة..وما ادراك ما السودان!
السودان الموقع الجغرافي المتميز والذي يمثل موردا هاما من ناحية الجيوبوليتكس، فهو يربط القارة الافريقية شمالها بجنوبها وشرقها بغربها ،هو معبر الي البحر الاحمر والي اسيا وأوروبا ،هذا فضلا عن المسارات المفتوحه في فضائية لرحلات الطيران، أنه السودان الذي تمتد أراضيه منبسطة ومياه متدفقة دون عناء ،هبة من الرحمن ،معادنه فوق الارض وتحت الارض ،وثرواته غير المكتشفة والمستغله توفق بكثير ماتم استغلاله او اكتشافه ،
اما عن انسان السودان ..فهم اولئك السمر الضاربون في الارض ،ليس في مثل عزتهم أحد ،وليس في مثل كرمهم أحد،وليس في مثل تواضعهم أحد، وليس في مثل قدرتهم علي القيادة والتوافق والتسامح احد،،
طيب ليه ياعم أحمد ،انت مابقيت رئيس وزراء السودان ،وليه السودان مابقي زي النمور الخمسة ،ولازي الدول ذات الاقتصادات الناشئة في أمريكيا اللاتينية وأفريقيا..ليه السودان ما اكتفي من الغذاء،ليه الناس لسه مرضانه ،وفقرانه وجاهلة..
أين العلة ،،واين السبب ..
تفتكر ياعم احمد لو جيت رئيس وزراء ..
كان السودان حيكون سلة غذاء العالم ..
كان التعليم في السودان يتفوق علي فنلندا
كان خدمات الصحة في الارياف والنجوع والقري البعيدة تقدم عبر الروبوتات
كان الكهرباء تنتج من التفاعلات النووية ،وتكون الطاقة صديقة للبيئة
كان الصادر من الصناعات السودانية وصل لغاية ألاسكا وما بس مكتوب عليه صنع في السودان ،بل مكتوب عليه صنع في كرشولا،وفي طوكر،وفي الدبة وفي الجبلين.
كانت مدن السودان تضاهي في معمارها أجمل مدن العالم وفي نظافتها وبهائها تشبه طوكيو، سويسرا، الرباط، ودوحة الخير
وأهم من دا كله ،كانت المرأة في السودان في المقدمة في كل المجالات، هناك نساء الشرق يقدن الطائرات،ونساء دارفور يتقدمن العمل البرلماني ،أما نساء الشمال نجحن في أن يكون التعليم فوق الجميع، ونساء النيل الأزرق أنشئن أكبر حاضنة في افريقيا والوطن العربي لريادة الاعمال الزراعية،ونساء الخرطوم والجزيرة تفرغن لقيادة المنظمات الخيرية ومنظمات حماية البيئة والرفق بالحيوان..
كيف لا ياعم أحمد وأنت نصير المرأة، وداعمها في كل الحقب التاريخية في السودان .
عايزة اقول لي عم أحمد ،بعد السلام والامن يعمان السودان ،ممكن نحلم ان تحكمنا بنازير بوتو من السودان ،وقياداتنا النسائية السودانية تملا عنان السماء ويشار اليها بالبنان،ومن بينهم دكتورة عفاف احمد،أ.اميرة الفاضل ،المهندسة هويدا شبو،استاذة لينة صديق الهندي، والدكتورة سناء حمد ،ودكتورة سهير أحمد صلاح ..
ياربي الحلم دا ممكن يتحقق في السودان
حزنا عليك ماله حد وحزننا علي البلد كبير وعميييق …
أملنا في بكرة ،وفي رحمة ربنا وفي شبابنا …ناس أية رائدة الاعمال المتميزة ،وحنونة الام الشابة التي حرصت ان يدندن صغارها بنشيد العلم ،واغنية سودانية والكابتن عموري(أسباط شيخ أحمد عبدالرحمن )
نقلا عن “حواس”